قام الآلاف من الأمريكيين الأرمن بالاحتجاج على برنامج حواري تنظمه شركة (PBS-خدمة البث العام) الأمريكية حول دور تركيا في مجازر الأرمن خلال وبعد الحرب العالمية الأولى. وقد أثار البرنامج ومدته 25 دقيقة ضجة عالية، لأن البرنامج سوف يستضيف باحثين إثنين ينكرون أن مليون ونصف مليون أرمني ذبحوا في تركيا الشرقية ما بين عامي 1915-1920. ومن المزمع أن يتم بث البرنامج في 17 نيسان، قبل اسبوع من موعد الذكرى السنوية للإبادة الأرمنية وسوف يليها ساعة من عرض فيلم وثائقي بعنوان “الإبادة الأرمنية” الذي يصف أحداث القتل وانكار المشاركة في ارتكاب الجريمة من قبل حكومات تركيا المتعاقبة. وقد أطلق الأمريكيون الأرمن عريضة يطالبون فيها شركة (PBS- خدمة البث العام) الأمريكية بوقف البرنامج الحواري. وقد أضاف أكثر من 6 آلاف شخص أسماؤهم الكترونياً على العريضة ليجعلوها أكبر عريضة تهاجم برنامج شركة (PBS-خدمة البث العام) الأمريكية، حيث يشار الى أن الفيلم الوثائقي سوف يتضمن نكران تركيا وأن الحوار سوف يخدم تركيا في إصرار حكومتها على موقفها الرسمي ويقوض الطبيعة غير الرسمية لبرامج شركة (PBS-خدمة البث العام). إن أحداث قتل الأرمن في تركيا من قبل الامبراطورية العثمانية تبقى مشحنة بالعواطف ومستمرة سياسياً. وقد جادل الأرمن لفترة طويلة أن أعمال المجازر كانت من تدبير الحكومة بسبب قمع دعم الأرمن للقوات الروسية. وتعتبر أول إبادة في القرن العشرين ويوافق عليها الباحثون الغربيون والحكومات الغربية. ويبدو أن الجدال بين أنقرا وواشنطن مستمر، ففي العام المنصرم قام الأتراك باتهام الروائي المعروف في البلاد أورهان باموق لتشويهه الهوية القومية للبلاد بعد أن جزم مدى تنكر تركيا لمجازر الأرمن، في مقابلة مع مجلة سويسرية. وأضحى اتهامه قضية تشغل البلاد الأوروبية التي ستقبل تركيا في الانضمام الى الاتحاد الأوروبي، وقد أسقطت الاتهامات هذا الشهر الماضي. وخلال عقود منصرمة تعاملت الولايات المتحدة الأمريكية مع هذه القضية بشكل مؤقت، ولم تكن ترغب في إرغام أو إيذاء تركيا حيث أنها الحليف السياسي والعسكري. وفي خطابه في العام الماضي قام رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بالإشارة الى يوم عيد الشهداء الأرمن بعبارة “النفي القسري والقتل الجماعي” و”فقدان الحياة بشكل مرعب” وتحاشى عبارة إبادة للإشارة الى الأحداث. ويبين فيلم “الإبادة الأرمنية” الذي أنتجه أندرو غولدبرغ في نيويورك التاريخ بشكل واضح. وقد وافقت شركة (PBS-خدمة البث العام) على عرض الفيلم (وقد كلف 650 ألف دولار أمريكي قام بتمويله أمريكيون أرمن) دون أية اختزالات. ويوضح المسؤولون في شركة (PBS-خدمة البث العام) أن الحوار سوف يضيف آراء أخرى على الموضوع وخاصة من ناحية الانكار ويبررون ذلك بأنه مهما ازداد النقاش تكون الحقيقة واضحة أكثر. وقام بيتر بالاكيان الأستاذ في جامعة كولغيت وتانير أكتشام(من اصل تركي) الأستاذ في جامعة مينيسوتا بدعم الفيلم، وقام جوستين مكرتي الأستاذ في جامعة لويزفيل والمؤرخ التركي عمر طوران بعرض رؤية بديلة. وقال بالاكيان وهو روائي أمريكي أرمني وصاحب رواية “دجلة المحترقة: الإبادة الأرمنية وموقف أمريكا”، أنه لم يرغب في المشاركة في الندوة الحوارية لوجود من ينكر الإبادة وأنه وقع في موقف محرج من شركة (PBS-خدمة البث العام)، كما بين أن الفيلم هو إنجاز ضخم. أما مكرتي فقد صرح أن تاريخ الفترة الزمنية هو أمر معقد ولا يساعد على اتخاذ أحكام بسيطة. وهو لا يجد دلائل على قتل مليون ونصف مليون أرمني. وأضاف أن 3 ملايين من الأتراك قد قتلوا في نفس الفترة الزمنية، معترفاً أنه ينكر الإبادة. مشيراً الى أن عنوان الفيلم الوثائقي هو وصف زائف لتاريخ معقد. وبينت شركة (PBS-خدمة البث العام) أن قرار بث الندوة الحوارية والفيلم الوثائقي يعود الى محطاتها وأعضائها 348 .