من إعادة المرحلين إلى ديارهم في كيليكيا إلى الهجرة الجماعية باتجاه سوريا ولبنان

بقلم فاهه طاشجيان من كتاب “الارمن البحث عن ملجأ1917-1939” إعادة المرحلين إلى ديارهم في كيليكيا احتلت فرنسا، غداة الحرب العالمية الأولى، جزءاً من المنطقة العثمانية وبخاصة كيليكيا، تحدوها رغبة أكيدة في البقاء فيها بصورة دائمة. غير أن الجنود والإدارة الفرنسية اصطدموا، منذ وصولهم إلى كيليكيا، بمقاومة الوطنيين الأتراك المصممين على محاربة جيوش الاحتلال وحلفائها المحليين. إذ إن فكرة تركيا جديدة، تضم كل آسيا الصغرى، كانت بدأت تشق طريقها متجسدة في مصطفى كمال. إزاء هذا التهديد، ارتكزت استراتيجية ضبط المنطقة التي أعدها المسؤولون الفرنسيون في المشرق على الاعتماد على القوى المحلية المكونة من جماعات كيليكيا الإتنية والدينية الرئيسية غير التركية، من أرمن وعرب علويين وأكراد وشراكسة. وتمثل أحد مظاهر مخطط هذا العمل الأكثر إثارة للدهشة في نقل عشرات الآلاف من الأرمن إلى كيليكيا ـ موطن إقامتهم الأصلي ـ وكانوا في غالبيتهم ينتمون إلى تلك المنطقة، وقد كتبت لهم النجاة من صحراءي سوريا وبلاد ما بين النهرين، حيث تم ترحيلهم عام 1915. إن قرار تنظيم عملية إعادة المرحلين الواسعة اتخذته قيادة الحلفاء في كانون الثاني 1919، بينما أخذت فرنسا على عاتقها مصاريف النقل. وأنشىء في حلب مكتب يُعنى خصوصاً بهذه المسألة، هوالدائرة المركزية لإعادة إيواء الأرمن، وكانت مهمتها الرئيسية إعادة تعيين أماكن لعشرات آلاف الأرمن المتحدرين من كيليكيا، الذين كانوا آنذاك متجمعين في مخيمات حلب أو بيروت أو دمشق. وكانت القيادة البريطانية في ذلك الحين أشد تصميماً على تسريع وتيرة إعادة الإيواء هذه، بحيث كان ينبغي استباق الأحداث المحتملة التي يمكن أن يسببها حضور اللاجئين الأرمن الطويل الأمد في سوريا، ومداراة نظام الأمير فيصل العربي، وقد بات سيد المناطق المحصورة بين حلب ودمشق. وكشفت حادثة مأساوية وقعت في حلب، في شباط 1919، مدى هشاشة الأوضاع التي يعيش فيها المرحلون في المدن السورية الكبرى، وضرورة استعجال إجلائهم. فقد حدث توتر شديد غذته بعض الأوساط الإسلامية المتعصبة في حلب عبر صحفها التي أقدمت على نشر مقالات نارية تهدف إلى إثارة الجماهير الشعبية ضد اللاجئين الأرمن. ووقعت، في الوقت عينه، أحداث خطيرة في مدينة الاسكندرون القريبة بين جنود من الفرقة الأرمنية والسكان المسلمين المحليين. ولما بلغ نبأ هذه الصدامات حلب، أسهم في تأجيج الوضع في المدينة. وأخيراً أسفرت هذه الحملة، في 28 شباط 1919، عن حركة شعبية معادية للأرمن في حلب. فاندفعت عامة الناس في المدينة، يصحبها دركيون وجنود عرب، بحثاً عن لاجئين أرمن. واستمرت المجازر ساعات عدة ولم تتوقف إلاّ بعد تدخل الجيش البريطاني. وكانت الحصيلة مقتل خمسين أرمنياً وجرح مئة وخمسين، فيما اعتبر عديدون في عداد المفقودين. من هذه الأحداث استخلص البريطانيون العبرة، فقرروا تسريع وتيرة عمليات إعادة ايواء الأرمن، تداركاً لحصول مثل هذه الأعمال العنفية في أماكن أخرى. فأُخليت حلب من لاجئيها الأرمن من دون الأخذ في الاعتبار ظروف الحياة التعسة التي سببها وصولهم بشكل حاشد إلى كيليكيا. كان المرحلون أنفسهم مقتنعين أن إعادتهم إلى ديارهم هي الحل الأمثل، ويتبنون عن طيبة خاطر سياسة الحلفاء. فقد رغب المرحلون الأرمن في العودة إلى وطنهم، مهما كلف الثمن، علماً أن البريطانيين والفرنسيين لم يسعهم أن يضمنوا أمنهم بالكامل في مناطقهم الأصلية. وحقيقة الأمر أن عشرات الآلاف من اللاجئين فضلوا، إثر هزيمة العثمانيين، أن يُعادوا ويعيشوا في منازلهم المدمرة والمسلوبة، على أن يقضوا شتاء آخر في أماكن ترحيلهم، وبكلام آخر البقاء في وضع غير مستقر. ومنذ كانون الثاني 1919، اتجه عدد من المرحلين المقيمين في منطقتَي دمشق وحلب إلى بلادهم، مع العلم أن السواد الأعظم منهم انتمى إلى كيليكيا، أو إلى مناطق واقعة أكثر إلى جهة الشرق، مثل مرعش، واورفا، وعنتاب وماردين، أي إلى مناطق قريبة نسبياً. غير أن آخرين كانوا من مواليد القسطنطينية، وادرنه، ورودوستو، وازميت ـ بروصا، واسكي شهر، وبندرما، وازمير وقونيه، وكلها تقع على مسافة تبعد نحو2000 كلم من المدن السورية (1). ومع ذلك، كانت تغادر دمشق كل يوم قوافل مكونة من مئة وخمسين شخصاً بمعدل وسطي متجهة إلى آسيا الصغرى، بحيث لم يبقَ في المدينة، في أيار 1919، سوى عشرة إلى اثني عشر ألف لاجىء أرمني (2). بيد أن الأرمن الذين تم إجلاؤهم، سرعان ما حل محلهم لاجئون آخرون قدموا أفواجاً من المناطق الجنوبية في حوران ودرعا. وقد نظمت القوات الحليفة البريطانية والفرنسية، بالتعاون مع الاتحاد الوطني الأرمني (3)، عمليات الإعادة هذه. ومنذ مطلع 1919، مثلت بيروت دور مركز عبور لآلاف الأرمن الوافدين من دمشق، والقدس، وحوران، وطرابلس، وحمص وحماه. وقد نصبت فيها القوات الحليفة خيماً كبيرة بمساهمة الاتحاد الوطني الأرمني في بيروت، لإيواء المرحلين خلال بضعة أيام، قبل أن يتم توجيههم إلى ديارهم الأصلية (4). وفي تموز 1919، لم يبقَ في دمشق (5) إلاّ ألف وخمسمئة لاجىء. كما بدأ ازدحام مدينة حلب يخف من عشرات الآلاف من مرحليها. ففي شباط 1919، أجلي من المدينة وضواحيها أكثر من نصف مرحليها، إلى حد لم يعد يوجد فيها غير خمسة عشر ألف ناج في المنطقة، ألفان منهم مجمعون في الثكنة التركية التي حُولت مخيماً للاجئين. فأمن لهم مكتب إعادة المرحلين سندات نقل مجانية ومُنحت كل عائلة 10 قروش من شأنها أن تغطي نفقات السفر الأخرى. وفي نيسان، تدنى عدد اللاجئين المتوقفين في حلب إلى أحد عشر ألف شخص، معظمهم أيتام ونساء مهجورات، أو عائلات بقيت مواطنها الأصلية خارج المناطق التي احتلتها الفرق الحليفة (6). على هذا المنوال، جرت إعادة إسكان مدن كيليكيا وبلداتها وقراها بسكانها الأرمن العائدين اليها. وشُيّدت مخيمات استقبال ومياتم في شتى المدن الكيليكية. وإذا كانت غالبية الأرمن المعاد إيواؤهم إذ ذاك من المتحدرين من كيليكيا، فإن عدداً لا يستهان به من الناجين جرى إسكانهم فيها على السواء، رغم كونهم من مواليد مناطق أخرى في آسيا الصغرى، وذلك بانتظار تحسن محتمل قد يطرأ على الأوضاع الأمنية في المناطق التي يتحدر منها هؤلاء الناجون. إذ كان المهم، بالنسبة إلى القيادة البريطانية، هو إخلاء سوريا وفلسطين من لاجئيهما، وفي الوقت نفسه، التخفيف من عبء مالي لا يمكن التهاون بـــــه. آمال بناء موطن جديد في كيليكيا إذ كان الحلفاء يتخلصون من مشكلات ناجمة عن وجود الأرمن في المدن العربية الكبرى، تسببوا في خلق مشكلات أخرى: فالإدارة الفرنسية في كيليكيا أدركت من فورها أن الوصول المتسرع لمثل هذا العدد الهائل من اللاجئين إلى منطقة كانت التوترات الطائفية فيها يومذاك على أشدها، سوف يعرقل مهامها، وخصوصاً أن عديد الفرنسيين في المنطقة الكيليكية غير كاف بتاتاً لتأمين سلامة جميع هؤلاء الذين أُعيد إيواؤهم، ولا سيما وسط التجمعات الكبرى مثل مرعش، أوعنتاب أو اورفا، حيث عدد السكان الأتراك والأكراد كبير ومعارض لوجود الفرق الحليفة. لهذا السبب، التمس المدير العام لمنطقة كيليكيا، الكولونيل بريمون، القريب من مسرح العمليات والواعي للخطر المتأتي عن بادرة في مثل هذا الاتساع، التمس من رؤسائه مراراً أن يحدوا من وتيرة عمليات إعادة الإيواء ما لم يستتب شيء من الاستقرار السياسي في المنطقة. مع ذلك، لم تأخذ القيادة البريطانية اعتراضاته في الاعتبار، وإنما استمرت في إعطاء الأولوية لإجلاء الناجين عن سوريا، أياً كان الثمن. وفي أواخر 1919، كان عدة آلاف من اللاجئين الأرمن ما زال ينبغي توجيههم إلى كيليكيا، غير أن ظروفاً سياسية جديدة وتغيّر السياسة الفرنسية تجاه الحركة الكمالية، الذي أمكنت ملاحظته منذ نهاية 1919، حالا دون إعادة إيواء القسم الأكبر منهم. وكان بين هؤلاء الناجين اثنا عشر ألفاً في بغداد، في مخيم بعقوبة (7)، وخمسة عشر ألفاً في دير الزور، وثمانية آلاف في حلب وثمانية آلاف في بور سعيد ( 8 )، ولكن وحدهم لاجئي بور سعيد جرت إعادتهم إلى ديارهم حوالى نهاية 1919 ومطلع 1920. إذ قام الحلفاء بعملية إعادة الإيواء هذه، أعادوا تكوين كيليكيا بحيث يؤلف السكان الأرمن فيها أكثرية نسبية، وذلك تبعاً لاستراتيجية إعادة التوازن الديمغرافي في المنطقة التي أرادتها فرنسا. وبكلام آخر، فإن إعادة المرحلين كانت تتناسب مع استراتيجية إعمار أرض لفرنسا فيها أطماع سياسية واقتصادية. واهتمت الإدارة الفرنسية، بقيادة الكولونيل بريمون، منذ استقرارها في كيليكيا في 1 شباط 1919، باحتياجات اللاجئين الأرمن الاجتماعية ونسقت نشاطها مع المؤسسات الإنسانية الأرمنية. وبينما لم تكن أي اتفاقية دولية قد حددت بعد وضع كيليكيا، فإن الإدارة الفرنسية تدخلت في الشؤون المحلية رغبة منها في فرض سلطانها. ولكن، لبلوغ هذه الغاية، كان عليها أوّلاً ان تؤدي دور القاضي الشغوف بالعدل، حتى لو كان ينبغي أن تتخلى هكذا عن شرائح كبيرة من السكان المسلمين. فأصدر الكولونيل بريمون، وهو الحريص على الاعتماد على الأرمن، مراسيم عدة تنم عن رغبة الإدارة الفرنسية في تشجيع إعادة إسكان الأرمن في كيليكيا: “القرار رقم 32 أعلن بأن مبيعات المباني التي أجراها المصرف الزراعي على حساب الأرمن المرحلين هي باطلة ولا مفعول لها” (3 نيسان 1919)؛ “والقرار رقم 54 أفاد بأن مبيعات الممتلكات التي أجرتها الإدارة التركية لدفع ضريبة العشر أو ضرائب أخرى متوجبة على مرحلين هي باطلة ولا مفعول لها” (25 نيسان 1919)؛ “والقرار رقم 88 قضى، في بعض الحالات المحددة، بحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة المتنازع عليها أمام لجان التحكيم” (29 حزيران 1919)؛ “القرار رقم 107 تعلق بإعادة النساء والأطفال المسيحيين الذين هم في حوزة المسلمين” (9 آب 1919). هذه الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الجديدة أشّرت إلى نزعة واضحة إلى ترسيخ الوجود الفرنسي في المنطقة على مدى الزمن، وتعزيز مواقعه فيها أكثر فأكثر. وحاولت فرنسا، عبر نظام “المراقبة ” الإدارية الخاص بها، أن يكون لها، على امتداد عام 1919، اليد الطولى في شؤون كيليكيا وأن تفصل المنطقة تدريجاً عن سائر الإمبراطورية العثمانية. في الحقيقة، إن الإجراءات التي اعتمدها الكولونيل بريمون وفريق عمله رمت إلى رد الاعتبار إلى وضع المسيحيين، وبنوع أخص إلى وضع الأرمن الذين كان يجب أن يشكلوا الركن الأساسي الذي ينبغي أن ترتكز عليه السلطة الفرنسية في كيليكيا. وبسبب العطف تجاه الأرمن، كان القادة الأرمن المهتمون بكيليكيا مقتنعين بأن فرنسا تنوي إنشاء حكم ذاتي أرمني تحت الحماية الفرنسية. غير أن المشروع الامبريالي الفرنسي في كيليكيا ما كان ليلبي طموحات المسؤولين الأرمن. والواقع أن السياسة الفرنسية في المنطقة لم تكن تقوم على تفضيل جماعة محلية على حساب أخرى، إذ إن هدفها الرئيسي كان إنشاء دولة كيليكية ذات حكم ذاتي مستقل، تحت الحماية الفرنسية. وكان عليها، من هذا المنظور، أن تفوز بمساهمة كل الجماعات، وفي هذه الحالة الجماعات غير التركية، وذلك بتقديم امتيازات مختلفة لكل منها، لكي تبعدها بشكل أفضل عن تأثير الوطنيين الأتراك الذين كانوا يناضلون ضد الاحتلال الفرنسي للمنطقة. في كل حال، لقد دشنت العودة إلى الديار عهداً جديداً بالنسبة إلى أرمن كيليكيا. ففكرة العيش تحت حماية فرنسا حملتهم على التطلع إلى مستقبل أقل ظلاماً، هم الذين أعياهم التشرد طوال أربعة أعوام في صحراءي سوريا وبلاد ما بين النهرين، وأضناهم الحرمان وشظف العيش. بالنسبة إلى هؤلاء العائدين إلى ديارهم، كان ينبغي، مذذاك، أن يعاد بناء حياة مشتركة ديناميكية. فالجماعة الأرمنية الميسورة، النشطة، الكبيرة والمتعلمة نسبياً قبل الحرب، كانت قد فقدت كل شيء وتهدمت بناها الداخلية. وفي أي حال، كانت المنطقة الكيليكية على وشك أن تصبح مكاناً آمناً، حيث تجمع عشرات الآلاف من الناجين من الإبادة الجماعية، وصار في مقدورهم أن يطوروا حياة مشتركة بمنأى عن بشاعات الماضي، وتحت حماية فرنسا. وعلاوة على ذلك، لم تلبث كيليكيا أن تراءت لأعين الأرمن المتحدرين من مناطق أخرى في الإمبراطورية العثمانية وكأنها موضع تجمع لهم. فبادر كثيرون إلى المجيء إليها والمشاركة في بناء الاستقلال الذاتي الكيليكي الجديد، حيث أنيط الدور الرئيسي بالجماعة الأرمنية. ولكن حماس الأرمن كان قصيرالأمد. تبدل السياسة الفرنسية: التخلي عن كيليكيا تمكنت فرنسا، في نهاية 1919، من فرض سيطرتها على مجمل أراضي كيليكيا. ولم تكن هجمات القوات الوطنية التركية تشكل آنذاك تهديداً حقيقياً لسلامة كيليكيا. ومن ناحية أخرى، لم يتوصل الكماليون إلى الاستقرار بصورة مستمرة في المناطق الكيليكية وتنظيم كفاح داخلي ضد الاحتلال الفرنسي. فالموقف الذي تبنته الجماعات العربية العلوية والكردية والشركسية في كيليكيا أكد رغبتها الأصلية في تقديم مساعدتها لفرنسا، ما دامت هذه القوة سيدة كيليكيا، ولم تظهرعليها بوادر ضعف في نضالها ضد الأتراك. أما الجماعات المسيحية الكيليكية، فكان حلفها مع فرنسا في هذه الآونة أمراً مقرراً. غير أن الحرب التي شنها الوطنيون الأتراك على الوجود الفرنسي اتخذت منحى جديداً، عندما حل الجنود الفرنسيون محل البريطانيين في تشرين الثاني 1919، في “أراضي الشرق” التي تضم مناطق مرعش، واورفا وعنتاب. في هذا الوقت، تولى فريق جديد برئاسة الجنرال غورو، الذي عين مفوضاً سامياً على سوريا ـ لبنان ـ كيليكيا، قيادة الفرق والإدارة الفرنسية في المشرق. وليس في نيتنا أن نشرح هنا بالتفصيل تطور العلاقات الفرنسية ـ التركية في ما يتعلق بمسألة كيليكيا. لذا سنكتفي بأن ننوّه بأن وصول غورو آذن بتحول كبير في السياسة الفرنسية حيال تركيا والحركة الوطنية التركية. فأول إجراءات الدبلوماسية الفرنسيةالتي بوشر تنفيذها نهاية 1919 تجاه الكماليين، سعت إلى هدف استراتيجي يقوم على إخلاء الجبهة الشمالية المواجهة للأتراك، وذلك بغية تركيز الجهد العسكري الفرنسي على سوريا ولبنان. فقد شكل هذان البلدان على الدوام الفسحة الملائمة للتغلغل الثقافي والاقتصادي والسياسي الفرنسي. ويبدو أن فرنسا كانت، في السياق السياسي ـ الاستراتيجي نهاية عام 1919، مستعدة للتضحية بكيليكيا لتأمين سيطرتها على سوريا ولبنان. في هذه الظروف، حل الجنود الفرنسيون محل البريطانيين في “أراضي الشرق”. استقبل الأرمن بارتياح نقل السلطات هذا، إذ إنهم كانوا على يقين أن الإدارة الفرنسية الجديدة ستتبنى إجراءات مماثلة لتلك التي اتخذها الكولونيل بريمون في كيليكيا، وكانت مؤيدة لقضية الأرمن. لذلك قاموا مجدداً بتقديم شكاوى من أجل استعادة ممتلكاتهم المسلوبة إبان الحرب. وبكلام آخر، فإن المسلمين، بعدما أملوا في الحفاظ على الثروات المغتصبة من الأرمن أثناء الإبادة الجماعية، انتابهم القلق من الوضع الجديد المستحدث جراء وصول الفرنسيين. واحتمال إعادة الممتلكات الأرمنية وإدانة الوجهاء المحليين المتورطين بوحشية في جرائم الحرب المرتكبة بحق المدنيين دفع عدداً كبيراً من سكان تلك المدن إلى الالتحاق بالحركة الوطنية التركية التي تزعمها مصطفى كمال. عندئذ تفجرت، في 21 كانون الثاني 1920، الانتفاضة التركية داخل مدينة مرعش، تدعمها في الخارج القوات الوطنية المرابطة في القرى المحيطة بها. وفي 11 شباط، وفيما كان ميزان القوى على الأرض يبدو أنه لمصلحة الفرنسيين، غادرت الحامية الفرنسية المدينة على الفور مخلية الجو للوطنيين الأتراك. في الحقيقة، إن إخلاء مرعش قلب الوضع المحلي رأساً على عقب. فكل البنيان الذي شيده حكام كيليكيا الفرنسيون انهار مع انتصار الوطنيين الأتراك في مرعش، وبخاصة أن هذه الهزيمة تلتها سريعاً انسحابات أخرى من “أراضي الشرق”. ففي 11 نيسان 1920، أخلت حامية اورفا الفرنسية المدينة بدورها، بعدما عانت حصاراً استمر واحداً وستين يوماً. وفي أيار، حاصرت القوات التركية مدن بوزنتي، وهادجين، وسيس، واكباز وعنتاب. وفي شهر آب، نظم الجيش الفرنسي عملية إخلاء مواقعه وإجلاء جميع السكان الأرمن من سيس. لم يفكر هؤلاء، وقد روعتهم أنباء مجازر مرعش، في البقاء لحظة واحدة في سيس بعد رحيل الجنود الفرنسيين. لهذا السبب، غادر حوالى سبعة آلاف وخمسمئة أرمني المدينة واستقروا في أضنه. وكان السواد الأعظم من هؤلاء اللاجئين ينتمي إلى سيس، بالإضافة أيضاً إلى جماعات من البلدات والقرى المحيطة مثل قارس بازار وفكه. وفي هذه الأثناء، استمر حصار هادجين. وفي نيسان 1920، باتت المدينة بأسرها مطوقة بالأتراك: لقد تحصن فيها 7000 أرمني وقاوموا بمفردهم، في غياب الجنود الفرنسيين، مقاومة يائسة خلال عدة أشهر. إلاّ أن السلطات التركية استولت، في منتصف تشرين الأول 1920، على المدينة المحاصرة، وقتلت آلاف الأرمن. فقط أربعمئة شخص تقريباً تمكنوا من الفرار من المجازر واللجوء إلى المنطقة الفرنسية. معقل أرمني آخر، هو مدينة زيتون الواقعة شمال مرعش والممعنة في عزلتها منذ الاستيلاء على مرعش، سقط هو الآخر في تموز 1921.كل الأمور كانت توحي بأن فرنسا سائرة نحو التنازل عن كيليكيا للأتراك. هجرة الأرمن الجماعية من كيليكيا باتجاه سوريا ولبنان خصوصاً في 20 تشرين الأول 1921، أعلن التنازل الكامل والرسمي عن كيليكيا وعن “أراضي الشرق” لتركيا في أنقره حيث أبرمت اتفاقية بين هنري فرنكلين ـ بويون، ممثل فرنسا، ويوسف كمال وزير الخارجية في الحكومة الكمالية. وللحال سرت حركة رعب في صفوف سكان كيليكيا، ولا سيما بين الأرمن. لقد كانوا جميعاً عازمين على مغادرة المنطقة الكيليكية قبل جلاء الجنود الفرنسيين الكامل وإقامة إدارة تركية حُدد تاريخها في 4 كانون الثاني 1922. وحث الجنرال غورو السكان بحرارة على البقاء في أماكنهم وعدم مبارحة البلاد مؤكداً لهم أن “الحكومة الفرنسية قامت بما يلزم لصون حقوق الأقليات” (10). وقدم فرنكلين ـ بويون شخصياً إلى كيليكيا ليثني السكان عن ترك البلاد. وتجدر الإشارة إلى أن الأولوية بالنسبة إلى المفوضية العليا في هذه الفترة كانت الحفاظ على الأمن في سوريا ولبنان. فينبغي تجنيبهما تدفق موجات اللاجئين الوافدين من كيليكيا، أياً يكن الثمن. ولكن سرعان ما تبيّن أن المناطق السورية واللبنانية هي من بين الأماكن النادرة التي يستطيع أن يقصدها اللاجئون الكيليكيون. أما المسؤولون الفرنسيون الذين يتمتعون ببعض الخبرة، فكانت أسباب كثيرة تثير فيهم الخوف من أن يتحول إسكان اللاجئين كتلة واحدة، وهم في غالبيتهم الكبرى مسيحيون، مصدر اضطرابات طائفية في سوريا ولبنان، ويعر بالتالي السلطة الفرنسية الجديدة للخطر. على الأرض، كان الجنرال دوفيو، الحاكم العسكري والإداري في كيليكيا وفي “أراضي الشرق”، يعي أن الاتفاقية المعقودة في أنقره لا تنص على أي بند يضمن بصورة محسوسة حقوق الأقليات غير التركية في كيليكيا. وكان يسعى إلى أن يشرح لرؤسائه في بيروت أن حالة الذعر الناشئة وسط سكان كيليكيا المسيحيين سببها ثغرات في اتفاقية أنقره. غير أن المفوضية العليا أمرته بمنع هذه الهجرة الجماعية واضعة تحت تصرفه كل الوسائل الممكنة. لكن جميع المساعي الهادفة إلى ثني السكان الأرمن عن مغادرة البلاد لم تجدِ نفعاً. فقرارالرحيل قبل وصول الأتراك كان حازماً جداً، لدرجة أن مختلف التدابير الرادعة التي اتخذتها السلطات الفرنسية، بناء على طلب المفوضية العليا الصريح في بيروت، كانت عديمة التأثير في الجماهير الأرمنية. وأخذ الجنرال دوفيو نفسه يعطي إجازات خروج لكل الطالبين. زاد هذا العمل من سخط المفوض السامي الذي كان يأمل وقف حركة الهجرة الجماعية عبر رفض منح إجازات المرور. ولم ينسَ فرانكلين ـ بويون، الذي وصل إلى مرسين في 23 تشرين الثاني، أن يلوم هو أيضاً الجنرال الفرنسي على قلة حزمه حيال حركة الهجرة الجماعية التي باتت، في رأيه، أمراً محتماً (13). بعدما أذعن المسؤولون الفرنسيون للأمر، قرروا أن ينظموا بأنفسهم الهجرة الجماعية. وفي 15 كانون الأول، تألفت، بمبادرة من السلطات الفرنسية، لجنة مكلفة إحصاء المهاجرين ونقلهم بحراً. وعليه أخليت كيليكيا، بين تشرين الثاني وكانون الأول 1921، من جزء كبير من سكانها. وهكذا رجع عشرات الآلاف من الأرمن الذين أعيد إيواؤهم قبل ثلاث سنوات، رجعوا بغالبيتهم إلى المنفى في سوريا ولبنان. إن رحيل الأرمن، أواخر عام 1921، تم في أغلب الأحيان بسفن منطلقة من مرسين إلى جهات قريبة، وفق معيار وحيد هو أن تكون تلك الجهات خارج المراقبة التركية. ففي نهاية كانون الأول، أنزل ألف وخمسمئة لاجىء كيليكي في بيروت (14). وفي الوقت نفسه تقريباً، غادر حوالي أربعة عشر ألف أرمني متجمعين في درتيول المنطقة متوجهين إلى الاسكندرون. بينما استقر آخرون في الضواحي، في حلبا، وزغرتا، وشكا وأنفه (15). وأقام عدد من اللاجئين في صور وصيدا (16). وأخيراً نزل نحو ألف شخص في اللاذقية. غير أن سوريا ولبنان لم يكونا الوجهتَين الوحيدتين اللتين سلكهما أرمن كيليكيا. فثمانية آلاف منهم قصدوا قبرص: ولكنهم كانوا ينتمون إلى عائلات ميسورة، إذاً مستقلة، ولم تكن السلطات البريطانية مجبرة على أخذهم على عاتقها. وكانت هذه السلطات، في الواقع، قد أغلقت الموانىء القبرصية في وجه السفن التي تنقل اللاجئين الكيليكيين، ومنعت عموماً، منذ تشرين الثاني 1921، دخول هذه السفن جميع موانىء المتوسط الشرقي الخاضعة لرقابتها، مثل الاسكندرية، وبور سعيد، وحيفا، ويافا ولارنكا. وهذا ما يفسر وصول السفن على نطاق واسع إلى بيروت حيث المرفأ الوحيد المهم في المنطقة الذي ظل مفتوحاً من دون شروط أمام اللاجئين. كما أبحر بضعة آلاف من اللاجئين صوب وجهات أشد بعداً كإزمير، وتراقيا والقسطنطينية التي لم تكن سقطت في أيدي الكماليين بعد (17). ووصلت، خلال صيف 1922، موجة ثانية ضخمة من اللاجئين إلى شمال سوريا باتجاه منطقة حلب، قادمة من عنتاب، وكيلس ومرعش. وفيما كانت كيليكيا قد أخليت من سكانها الأرمن عقب الانسحاب الفرنسي النهائي من المنطقة قرر بضعة آلاف من الأرمن البقاء في تلك المدن الثلاث. وفي مطلع كانون الثاني 1922، كانوا لا يزالون خمسة آلاف في مرعش، وخمسة آلاف في عنتاب وألفين في كيلس (18). وكان الأمر أساساً يتعلق بأشخاص عجزوا عن الفرار لدى قيام النظام التركي الجديد. والواقع أن كيلس وعنتاب كانتا، خلافاً لدرتيول ومرسين، محرومتين من وسائل نقل سريعة (قطار، سفينة) مع سوريا ولبنان كانت لتسمح بإجلاء عشرات الآلاف من الأشخاص في أسابيع قليلة. وفي مرعش، التي سقطت منذ شباط 1920 في أيدي الكماليين، كان آلاف عدة من الأرمن يواصلون العيشعندما دعوهم إلى الرحيل منها في صيف 1922. وطوال العشرينات من القرن المنصرم، تقاطر الأرمن الخاضعون لإجراءات إرهابية اتخذها النظام الكمالي الجديد إلى الأراضي السورية قادمين من مناطق حدودية واقعة في تركيا. الإيديولوجية الكمالية واستمرار هجرة أرمن تركيا باتجاه سوريا في العشرينات من القرن المنصرم بعدما أمست الكمالية إيديولوجية السلطة وألهمتها عقائد قومية، هدفت إلى بناء دولة وطنية تركية تقوم على الهوية التركية وتستبعد كل هوية قومية مغايرة. وكان النظام الكمالي قد تبنى، على امتداد العشرينات وتبعاً لإيديولوجيته، إجراءات رادعة في حق الأقليات التي ما انفكت تعيش في تركيا، وذلك كي يدفع هؤلاء السكان إلى الهجرة الجماعية باتجاه سوريا. وأرمن مرعش، وعنتاب وكيلس كانوا من بين الأهداف الأولى لسياسة مجانسة الفضاء التركي هذه. فقد قاطع السكان المحليون تجارتهم بأمر من السلطات المحلية، ولم يعد في وسع الأرمن زرع حقولهم، وسجلت عدة حالات رجم بالحجارة تستهدف أرمناً خطر ببالهم خطأ عبور حي مسلم. إن مجمل الإجراءات التنكيدية، التي تبنتها السلطات التركية، لم تكن ترمي إلاّ إلى جعل شروط معيشة الأرمن لا تطاق. وبلغ أول مواكب اللاجئين الوافدين من عنتاب وكيلس حدود سوريا الشمالية اعتباراً من صيف 1922. وفي كانون الثاني 1923، قُدِّر أن الأرمن القاطنين في هاتين المدينتين قد وصلوا كلهم تقريباً إلى حلب (19). أما في ما يتصل بمرعش، فإن موجة اللاجئين بدأت في الحقيقة في تشرين الثاني 1922 واستمرت من دون انقطاع حتى آذار 1923، وباتجاه حلب أيضاً (20). وفي أواخر 1922، وصلت موجة من اللاجئين من ديار بكر، وخاربرت وملاطية، وتلاحقت طوال 1924. وقد ضمت كذلك الأرمن الأخيرين الباقين في اورفا، وكاموردج وماردين. موجة التهجير هذه جرّت معها حوالي ستة آلاف وخمسمئة لاجىء إضافي إلى حلب التي تحولت مجدداً، ومنذ مطلع 1923، مركز عبور للاجئين الأرمن المطرودين من تركيا الكمالية. وكان نح أربعين ألف لاجىء تم إسكانهم في مجمع سكني يضم خمسة عشر ألفاً من السكان الأرمن الأصليين (21). وفي أواخر العشرينات، لما كانت مخيمات لاجئي حلب تخلو تدريجاً من سكانها، كانت موجة جديدة من مرحلي أرمن تركيا تصل إلى الأراضي السورية. وهكذا، طوال 1929 وفي مطلع 1930، رحلت السلطات الكمالية بضعة آلاف من القرويين الأرمن من مناطق ديار بكر، وماردين، وبتليس، وملاطيه وخاربرت الريفية وأكرهتهم، بطريقة ما، على الخروج باتجاه سوريا. لقد سلك المرحلون الأرمن محورَين رئيسيين: سيراً على الأقدام، ثم بواسطة سكة الحديد المؤدية إلى حلب بالنسبة إلى اللاجئين القاطنين في المناطق الواقعة إلى شرق المنطقة الحدودية المتاخمة لسوريا مثل خاربرت اوبالو؛ ومسيرة قسرية باتجاه الجزيرة العليا السورية للأشخاص المتحدرين من قرى منطقة ديار بكر والمناطق الواقعة أكثر إلى الشرق. وهكذا انضم بضعة آلاف من اللاجئين إلى المقيمين الذين مكثوا في مخيمات حلب، والذين كان مشروع إعادة ايوائهم قيد البحث. واستقر اللاجئون الجدد بخاصة في نوركيوغ (الميدان)، وخان الزيتون وقسطل حرام (22). أما اللاجئون الذين سلكوا طريق الترحيل المؤدي إلى شمال شرق سوريا، فحطوا الرحال في مراكز الجزيرة العليا الحضرية الجديدة: القامشلي، والحسكة، وعامودا، والكرمانية، وديريك، والدرباسية وفي القرى المحيطة بها، حيث تساكنوا وفئات أخرى من السكان كالسريان، والكلدان، والأكراد واليهود، لمطرودين بدورهم من تركيا، وقد حثتهم سلطات الانتداب الفرنسية مراراً على السكن في هذه المنطقة. شكل طرد هؤلاء القرويين من المنطقة الحدودية التركية في أواخر العشرينات الموجة الأخيرة الكبرى من موجات ترحيل أرمن تركيا نحو سوريا. وفي 1939، واجه أرمن سوريا ولبنان، هذه المرة، الهجرة الجماعية لآلاف من مواطنيهم المقيمين في سنجق الاسكندرون، تلك المنطقة السورية التي تخلت عنها فرنس لتركيا ـ هذا الموضوع سيبحثه لاحقاً ميشال بابودجيان. 1 ـ مكتبة نوبار، أرشيف الوفد الوطني الأرمني، 1 ـ 15، مراسلات شباط آذار 1919، رسالة من الاتحاد الوطني الأرمني في دمشق إلى بوغوص نوبار، 10 كانون الأول 1918. 2ـ أرشيفات الجمعية المركزي / القاهرة، دمشق، رقم 12، 21 تموز 1910 ـ 26 آذار 1931، رسالة من لجنة اتحاد دمشق إلى المقر المركزي في القاهرة، 15 ايار 1919. 3 ـ هذا التنظيم الذي أنشىء مطلع 1917 في القاهرة، كان يضم مختلف الأحزاب السياسية والمؤسسات الأرمنية العاملة في الأراضي المصرية. بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، حثت القوات الحليفة ـ الفرنسية في كيليكيا والبريطانية في سوريا على إنشاء فروع للجمعية الخيرية العمومية الارمنية، لأنها كانت آنذاك تحتاج إلى محاورين يمثلون شتى مكونات المجتمع الأرمني. وغداة الهدنة، شجع الجنرال اللنبي، قائد الجيوش الحليفة في الشرق الأوسط، وجورج بيكو، ممثل فرنسا في المنطقة، على تشكيل فروع للجمعية الخيرية العمومية الارمنية في كل المناطق التي احتلها الحلفاء وتواجد فيها أرمن. 4 ـ مكتبة نوبار، أرشيف الوفد الوطني الأرمني 1 ـ 18، مراسلات آب ـ تشرين الثاني 1919، رسالة من الجمعية الخيرية العمومية الارمنية في بيروت إلى بوغوص نوبار، 20 آب 1919. 5 ـ أرشيف الجمعية المركزي / القاهرة، دمشق، رقم 12، 21 تموز 1910 ـ 26 آذار 1931، رسالة من لجنة اتحاد دمشق إلى مقر القاهرة المركزي، 5 تموز 1919. 6 ـ أرشيف الجمعية المركزي / القاهرة، حلب، رقم 23، نيسان 1910 ـ كانون الأول 1919، رسالة من لجنة الجمعية حلب إلى مقر القاهرة المركزي، 9 نيسان 1919. 7 ـ الخارجية البريطانية 371 / 4184، بول. ـ تركيا 1919 “إعادة توطين لاجئي أرمن كيليكيا”، من الخارجية البريطانية إلى اللورد دربيي، باريس 18 تشرين الثاني 1919، لندن الأوراق 487 ـ 490. 8 ـ الأرشيف الوطني، الملف: بريمون، الصندوق: كيليكيا، رسالة شخصية من الكولونيل بريمون إلى الأميرال دوبون، القائد العام لأسطول المشرق البحري، نهاية 1919. 9 ـ أنظر في هذا الخصوص فاهه طاشجيان “فرنسا في كيليكيا وفي بلاد ما بين النهرين العليا: على تخوم تركيا، وسوريا والعراق”، باريس 2004، ص. 107 ـ 113. 10 ـ الدائرة التاريخية للقوات البرية، 4 ه 175/د: 9، جيش المشرق، المكتب الرابع، “نداء من الجنرال غوروإلى سكان كيليكيا، عنتاب وكيلس”، بيروت 9 تشرين الثاني 1921. 11ـ بناء على أمر المفوض السامي غورو، غادر الكولونيل بريمون كيليكيا بصورة نهائية في أيلول 1920. وكان المدير العام للمنطقة الكيليكية والصانع الرئيسي للسياسة الاستعمارية المتبعة في تلك المنطقة، وسرعان ما تحول خصماً لدوداً للسياسة الفرنسية الجديدة، وبتعبير آخر لسياسة التقارب مع الكماليين. وأصبحت مقاومته الاستراتيجية الفرنسية الجديدة مصدر إزعاج حقيقي للجنرال غورو. ذلك أن المدير العام لكيليكيا كان يتمتع ببعض النفوذ في النوادي السياسية والعسكرية الفرنسية، ولا سيما لدى الضباط العاملين في قصر الرباط. والحال أنه سعى، طوال فترة تمرده على غورو، أن يفوز بتقدير تلك الأوساط ويحول دون جلاء الفرنسيين عن كيليكيا. أخيراً استدعي في أيلول 1920. وبعد رحيل بريمون، تولى الجنرال دوفيو إدارة الشؤون السياسية في المنطقة. 12 ـ مكتبة نوبار (مصادر لم يتم جردها)، رسالة رقم 10 من الدكتور ب. ملكونيان إلى رئيس الوفد الوطني الأرمني، بيروت 25 كانون الأول 1921، ص. 5. 13 ـ مركز الأرشيف الدبلوماسي في نانت، الانتداب على سوريا ـ لبنان، الدفعة الأولى، كيليكيا ـ اضنه، رقم 234، برقية من دوفيو إلى غورو، 10 تشرين الثاني 1921. 14 ـ مكتبة نوبار، أرشيف الوفد الوطني الأرمني، ميكرو فيلم 2، تقرير من 11 صفحة بالأرمنية، تاريخ 11 آذار 1922، قدم إلى الوفد الوطني الأرمني. 15 ـ م. ن.، أرشيف الجمعية، مراسلات الدكتور ب. ملكونيان، رسالة رقم 389 /278 من ساهاك الثاني إلى كبريال نوراديغيان، رئيس الوفد الوطني الأرمني، بيروت 5 أيار 1922. 16 ـ م. ن.، رسالة رقم 19 من د. ب. ملكونيان إلى رئيس الوفد الوطني الأرمني، بيروت 24 كانون الثاني 1922، ص. 16. 17 ـ م. ن. رسالة من الدكتور ب. ملكونيان إلى رئيس الوفد الوطني الأرمني، بيروت 24 تشرين الثاني 1921، ص. 3 ـ4. 18 ـ الدائرة التاريخية للقوات البرية، 4 ه، 175 ـ د: 9، “تقرير حول نهاية مهمة، اللجنة الفرعية للجلاء عن عنتاب / 1 المسألة الأرمنية في كيلس وعنتاب”، بيروت 18 كانون الثاني 1922، ص. 5. 19 ـ الدائرة التاريخية للقوات البرية، 4ه 63/ >: 1، جيش المشرق، المكتب الثاني س، نشرة إعلامية رقم 410، من 30 كانون الأول 1922 إلى 3 كانون الثاني 1923، بيروت 4 كانون الثاني 1923، ص. 4. 20 ـ مركز الأرشيف الدبلوماسي في نانت، الانتداب على سوريا ـ لبنان، الدفعة الأولى، المكتب السياسي، رقم 996، جيش المشرق، الفرقة الثانية، س. ر. تحركات المهجرين في سوريا، الفترة الممتدة من 1 إلى 15 آذار 1923. 26 آذار 1923، حلب. 21 ـ مكتبة نوبار، أرشيف الاتحاد، مراسلات الدكتور ب. ملكونيان، رسالة رقم 115 من الدكتور ملكونيان إلى رئيس الوفد الوطني الأرمني، بيروت 15 تشرين الثاني 1922، ص. 4 ـ 5. 22 ـ أرشيف الجمعية المركزي / القاهرة، حلب، أيلول 1929 ـ تشرين الثاني 1931، رسالة من لجنة حلب إلى لجنة مصر التنفيذية، 22 كانون الأول 1929، حلب؛ أرشيف الاتحاد المركزي / القاهرة، حلب، أيلول 1929 ـ تشرين الثاني 1931، رسالة من لجنة حلب إلى لجنة مصر الإقليمية، 17 كانون الثاني 1931.

إعادة الأسماء الكردية لقرى دياربكر

الارمن العراقيون

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

تقرير طلعت باشا حول الإبادة الجماعية الأرمنية

أرشيف