في أصول الجماعات الأرمنية في الشرق الأوسط الناجون من المرحلة الثانية من الإبادة الجماعيــة بقلم ريمون هـ. كيفوركيان إن تدمير مجموعات بشرية تاريخية على يد دولة من الدول يعد تتويجاً لعملية معقدة لا يمكنهاأن تتطور إلاّ في بيئة سياسية واجتماعية خاصة، ولاسيما في سياق متعدد الإتنيات. أما التصفية الجسدية التي تعرض لها السكان الأرمن داخل الإمبراطورية العثمانية فتم تصورها كشرط ضروري لبناء الدولة ـ الأمة التركية، ضمن إطار مشروع يرمي إلى جعل التركيبة الإتنية متجانسة في آسيا الصغرى. وعليه قامت لجنة الاتحاد والترقي، خلال عامَي 1915 ـ 1916، بتطبيق برنامج واسع لعمليات ترحيل شعوب غير تركية، إسلامية ومسيحية، وقد خصت كل مجموعة من المجموعات المستهدفة بمعاملة خاصة تبعاً لقدراتها الجماعية المفترضة على الاندماج في برنامجهاالراميإلى تتريك آسيا الصغرى. وتظهر أعمال ت. اكتشام الحديثة (1)، التي تعتمد خصوصاً على مذكرات كوشتشوباشي زاده أشرف [سندجر] (2)،أن “مخطط مجانسة” الأناضول، وتنظيفه من “الأورام” اللاإسلامية، وتصفية “التجمعات غير التركية” قد جرت مناقشتها أثناء اجتماعات عدة سرية عقدتها لجنة الاتحاد المركزية من شباط إلى آب 1914. وكان يونانيو شاطىء بحر إيجه، وهم المستهدفون الأوائل، قد جردوا من ممتلكاتهم وأبعدوا إلى الاناضول الوسطى أو طردوا باتجاهاليونان منذ ربيع 1914. ولكن يبدوأن الأتراك قدّروا مصيراً خاصاً للأرمن العثمانيين الذين تقرر إخضاعهم للترحيل العام بشكل رسمي للغاية. وعلى امتدادالعمليةالتي أدت إلى إبادة الأرمن العثمانيين، كان من نصيب مئات الآلاف من المرحلين الذين وصلوا صدفة الى سوريا أو بلاد ما بين النهرين، أن يزدحموا في عشرات معسكرات الاعتقال الخاضعة لإشراف الإدارة الفرعية الخاصة بالمرحلين والمنشأة في حلب خلال خريف 1915. هذاالجهاز، ذوالنهج الرسمي، كان تابعاً لإدارة إسكان العشائر والمهجرين، وخاضعاً لوزارة الداخلية ومكلفاً تنظيم عمليات الترحيل ووضع ممتلكات الأرمن تحت تصرف المهجرين، أي، بكلام آخر، إسكانهم في أماكنهم. فهو الذي نسق، على سبيل المثال، ترحيل المهجرين المسلمين الروملليين وشراكسة فلسطين إلى آسيا الصغرى في المناطق التي أخليت من سكانها اليونان أو الأرمن (3). وبعبارة أخرى، أنيط بإدارة إسكان العشائر والمهجرين تطبيق سياسة “المجانسة الديمغرافية” التي حددتها لجنة الاتحاد المركزية. وكان لديها، تحت سمتها الرسمية، استعداد لإسكان نازحين مسلمين مقتلعين، كما كُلفت أيضاً، ومن باب أولى، استئصال السكان الأرمن وتنسيق ترحيلهم، وهذه عبارة ندرك اليوم معناها بحسب تعيين موضع الأشخاص المستهدفين. وعندما نلاحظ التسلسل الزمني لتحركات السكان المسلمين التي نظمتها بطريقة تسلطية، نلاحظ عملية شبه متوازية ومتزامنة مع تنظيف الأرمن من مناطق وصول المهجرين الذين رحّلتهم إدارة إسكان العشائر والمهجرين (4). إن علاقتها بلجنة الاتحاد والترقي نمت عنها طبيعة مهمتها بالذات القائمة على تتريك المكان، وعلى اختيار مديرها، مفتي زاده شكرو [كايا] بك، وهو أحد كوادر الشبان الأتراك المقربين من محمد طلعت (5)، وقد أوفدته جمعية الاتحاد والترقي إلى ولايتَي أضنه وحلب خلال صيف 1915، أسوة بالعديد من زملائه الاسطنبوليين، حين اقتضى الوضع تدخلاً عاجلاً وتطبيق السياسة التي حددها المركز الاتحادي. إن البرقيات العديدة المرسلة من وزير الداخلية شخصياً، والمتعلقة بالأصول الواجب اتباعها بالنسبةإلى إدارة المرحلين الأرمن، قد أعدتها بكل تأكيد مصلحة إدارة إسكان العشائر والمهجرين. ويلاحظ مثلاً في أمر صدر منذ 23 أيار 1915، أن المرحلين يمكن إسكانهم في ولاية الموصل، باستثناء جزئها الشمالي المحاذي لمقاطعة فان، أو أيضاً أن المواضع التي “سيجري إسكان الأرمن فيها” ينبغي أن تقوم على “مسافة 25 كلم على الأقل من خط سكةحديد بغداد أو متفرعاته” (7). ويوسّع توجيه يحمل تاريخ 7 تموز المناطق المخصصة لـ”استقبال المرحلين إلى الأجزاء الجنوبية لولاية الموصل، وإلى أماكن سنجق كركوك” على بعد 80 كلم على الأقل من الحدود الإيرانية، علماً أن الأجزاء الجنوبية والغربية من سنجق الزور تقع على مسافة 25 كلم على الأقل من حدود ولاية ديار بكر، بما فيها قرى حوضَي الفرات والخابور، وكل قرى ومدن القسم الغربي من ولاية حلب. وكذلك المناطق لجهة الجنوب والشرق، باستثناء منطقتها الشمالية والأرض السورية، وسنجقي حوران والكرك ما عدا المناطق الواقعة على بعد 25 كلم على الأقل من خط سكة الحديد. هذه هي إذاً المناطق حيث يتعين توزيع الأرمن وإسكانهم بنسبة 10 % من مجموع السكان المسلمين” (8). وتوضح الشهادة التي أدلى بها يوهان هـ. موردمان، وهو دبلوماسي السفارة الالمانية فيالقسطنطينية المكلف ملاحقة القضايا الأرمنية، بالنسبة إلى اللقاء الذي أجراه بتاريخ 30 أيار 1915 مع اسماعيل جانبولاد، مدير الأمن العام في وزارة الداخلية، مقاربة الاتحاديين في شأن جعل المنطقة متجانسة. ففي الواقع، لاحظ موردمان أن جانبولاد بك كان لديه خريطة على مكتبه يظهرعليها تدرج عمليات الترحيل التي تم تنفيذها. وهذا يؤكد تنسيق البرنامج على أعلى مستويات الدولة كما يؤكد جانبه النظامي الذي “لا تبرره اعتبارات عسكرية على الإطلاق” (9). إلى ذلك، يبيّن التسلسل الزمني لعمليات الترحيل تبايناً واضحاً في الزمان بين العمليات المنفذة في أيار وحزيران داخل المقاطعات الشرقية وتلك التي استهدفت سكان الأناضول الغربية وكيليكيا المبعدين في آب وأيلول 1915. ومن جهة أخرى، تشرح الأساليب المستخدمة في كل من هذه المناطق أن نسبة المرحلين المنتمين إلى المقاطعات الشرقية الذين بلغوا مشارف سوريا هي أدنى بشكل واضح تماماً ـ بحدود 10 إلى 20 % ـ من نسبة الأرمن القادمين من الغرب الأناضولي، حوالى 80 إلى 90 %. وبالتالي من الجلي أن السلطات المركزية اضطرت بين مطلع حزيران، أي عند وصول أوائل مرحلي الشرق إلى سوريا، وشهر أيلول، إلى وضع بنية إدارية تعنى بسيل المرحلين، لم تكن هذه السلطات بالضرورة قد فكرت فيها بادىء ذي بدء. إن المهمة الموكلة إلى مفتي زاده شكرو بك ليس لها على الأرجح هدف آخر، وكذلك قدوم بهاء الدين شاكر، عضو لجنة الشبان الأتراك المركزية، المكلف تنفيذ مخطط الإبادة في ولايتي أضنه وحلب خلال صيف 1915 (10). إنهم قرابة ثمانيمئة وثمانين ألف أرمني تمت “إعادة إسكانهم” على هذا النحو، بعضهم منذ بداية الصيف والبعض الآخر أثناء خريف 1915، في كل من سوريا وبلاد ما بين النهريين، وذلك في مناطق رئيسية ثلاث: الأولى على محور رأس العين ـ الموصل؛ والثانية على “خط الفرات” من مسكنه حتى ديالزور؛ والثالثة تمتد من حلب إلى البحر الأحمر مروراً بحماه، وحمص، ودمشق، والقدس وعمان، وبشكل متفرع منناحية أخرى إلى جبل الدروز وحوران الغربية وشمال شرق سيناء. في أوائل ربيع 1916، كان خمسمئة ألف مرحل تقريباً لا يزالون على قيد الحياة موزعين بين حلب، ودمشق، وألفرات والزور: أكثر من مئة ألف من دمشق إلى معان، واثناعشر ألفاً في حماه ومنطقتها، وعشرون ألفاً في حمص والقرى المحيطة بها، وسبعة آلاف في حلب؛ وخمسة آلاف في بصرى، وثمانية آلاف في باب، وخمسة آلاف في ممبج، وعشرون ألفاً في رأس العين، وعشرة آلاف في الرقة وثلاثمئة ألف في دير الزور وضواحيها (11). وبكلام آخر، لقد لقي أكثر من ثلاثمئة ألف مرحل حتفهم في غضون خريف 1915 وشتاء 1915 ـ 1916، على طرقات سوريا وبلاد ما بين النهرين وفي معسكرات الاعتقال (12). هذا، ولعل بقاء الكثير من الأرمن أحياء لم يكن متوقعاً بحسب مخطط جمعية الاتحاد والترقي الأصلي، وقد أثار ذلك بوضوح نقاشاً داخل إدارة الشبان الأتراك. وثمة ما يدفعنا إلى الاعتقاد أن قراراً بتصفية مرحلي المرحلة الأولى من الإبادة الجماعية قد اتخذ في مطلع آذار 1916، ويقدم تعيين جودت بك، والي فان الأسبق ونسيب وزير الحرب، على رأس ولاية أضنة في 19 آذار 1916 دليلاً على الإجراءات الأولية التي اتخذها زعماء الشبان الأتراك من أجل إبادة مرحلي الجنوب. إن التعليمات اللاحقة الموجهة من طلعت إلى سلطات هذه المناطق المحلية والهادفة إلى تصفية معسكرات الاعتقال القائمة شمال حلب في آذار 1916، ثم تنظيف معسكر رأس العين اعتباراً من نهاية الشهر ذاته، قبل الانتقال إلى تصفية المرحلين الموجودين على خط ألفرات حول دير الزور، من حزيران إلى كانون الأول 1916، يشكل كل ذلك العديد من المحطات الزمنية التي تشي بالتطبيق المنهجي لمخطط مدبر. كما أن قرار البنك الإمبراطوري العثماني، الصادر في شباط 1916، والقاضي بتجميد حسابات هؤلاء “الزبائن المسافرين” الذين استطاع بعضهم حتى ذلك الحين الاستفادة من تسليفات لدى فروعه في سوريا وفي بلاد ما بين النهرين (13)، هذا القرار أيضاً أثاره على الأرجح وزير الاقتصاد بالوكالة، محمد طلعت، ضمن نطاق سياسته الرامية إلى تصفية المرحلين الأرمن. إن إيفاد “مفتش عام” من السفكيات (إدارة المرحلين)، هو حقي بك، على خط الفرات فآب 1916 هومؤشر آخر على القرارات التياتخذها مركز الشبان الأتراك (14). وكان لدى هذا الأخير أوامر صادرة من أعلى مستويات الدولة – الحزب، إذ إنه تمكن من فرض إرادته على العسكريين ونسق شخصيا التنظيف المنهجي لمعسكرات الاعتقال كافة، من مسكنه إلى ديرالزور، حيث اغتيل مئة وخمسة وتسعون ألف شخص خلال خريف 1915. و ظل نحومائتين وخمسين ألف شخص على قيد الحياة في أعقاب هذه المرحلة الثانية من مراحل الإبادة الجماعية:عشرون إلى ثلاثين ألف امرأة شابة وطفل جرى بيعهم إلى قرويين محليين أواختطفتهم العشائر؛أربعون ألف اختبأوا في قرى شمال ولاية حلب وفي هذه المدينةالأخيرة؛ قرابة خمسة آلاف فيمنطقة بصرى، ولا سيما غالبية “أرمن جمال باشا”، وقد اعتنقوا الإسلام رسمياً وهم موزعون على محور حماه، حمص، دمشق، بيروت، حيفا، يافا، القدس، طرابلس، درعا، عمان، السلط، الكرك ومعان. و”وفقا لأوثق المصادر”، ثمة مئة واثنان وثلاثون ألف مرحل في شباط 1916، وما يزيد على المئة ألف منهم في المناطق الممتدة من دمشق إلى معان ـ ومن بين هؤلاء، على الأرجح، مرحلو معسكرات جبل الدروز وحوران الغربية والقدس والكرك وعمان ـ؛ اثناعشر ألفاً في حماه ومنطقتها وعشرون ألفاً في حمص وضواحيها. هؤلاء المرحلون، خلافاً لمواطنيهم على خطي ألفرات ورأس العين ـ الموصل نجوا من إبادة منظمة. ويبدوأن احتياجات الجيش الرابع إلى أفراد متخصصين أتاحت لعدة آلاف من المرحلين النزول باتجاه الجنوب، رغم الحظر المفروض في تشرين الثاني 1915. وقد تمكن يرفانت أوديان، الذي كان يقيم في معسكر السبيل بجوار حلب في أواخر تشرين الثاني 1915، من أن يندس في قافلة تضم ألفا ومئة حرفي، إضافة إلى نساء وأطفال، بعدما جندهم الجيش وأرسلهم إلى الجنوب (17) ـ إنهم من مواليد أدرنه، وبرديزاك، وأضنه، وعنتاب وقيصرية (18). هؤلاء المرحلون المقيمون في المنطقة الثالثة يؤلفون السواد الأعظم من الناجين الأرمن، وهم الذين اكتشفتهم القوات البريطانية إبان زحفها الظافر صوب دمشق وحلب. حلب مفترق طرق في عمليات الترحيــل الوصول الى حلب والاحتماء فيها يمثلان هدفاً حيوياً بالنسبة إلى العديد من المرحلين. فهم، على هذا النحو، يأملون في الانصهار في النسيج الحضري لهذه المدينة الكبيرة، والاستفادة من المساعدات التي يمكن أن توفرها لهم الجالية الأرمنية والدبلوماسيون أوالمرسلون الأجانب العاملون فيها. أما في ما يختص بالسلطات، بعد الإجراءات الارتجالية المتخذة في غضون الأسابيع الأولى التي تقاطر أثناءها إلى المدينة بضعة آلاف من المرحلين فقد تبيّن بسرعة أنه لا بد من العمل بكل الوسائل المتاحة للحيلولة دون دخول المرحلين إلى حلب، وذلك لكي ينجح مخطط الإبادة المقترح. وحظرت السلطات على لمرحلين دخول المدينة، مطلع تشرين الثاني 1915، وكذلك حظرت التنقل بالقطار صوب الجنوب باتجاه دمشق وحوران. وبعد ذلك التاريخ، صار هؤلاء يُرسلون، بصورة منتظمة وسيراً على الأقدام أو بواسطة القطار، إلى “خط بغداد” باتجاه رأس العين، أو إلى “خط ألفرات” باتجاه دير الزور (19). وعلى الأرجح أن هذه الإجراءات الحاسمة ترتبط بالوصول المتزامن، قبل أسبوعين، لكل من الوالي الجديد مصطفى عبد الخالق، وعبد الأحد نوري الذي عُيِّن على رأس الإدارة الفرعية المدعمة للمرحلين. فمنذ ذلك التاريخ، لم يعد الأمر يتعلق، كما كانت الحال في المقاطعات الداخلية، بممثل عادي تابع لـ”إدارة إسكان العشائر والمهجرين” الاسطنبولية، حتى لوكان هذا الممثل يحمل لقب “مدير السفكيات”، بل صار يرتبط بإدارة حقيقية أنشأت شبكة معسكرات الاعتقال في منطقة الفرات. هذا، ويمكن للمرحل دوماً أن يعمد إلى التخفيعند وصوله إلى المدينة… والواقع أن وجود آلاف الأرمن المتخفين أمرتم الترحيب به، إذ إنه يتيح فرصة لتحقيق مكاسب غير متوقعة لجمع غفير من موظفي إدارة البلدية والشرطة وحتى الجيش. وهكذا أنشئت بالتدريج أصول اللعبة، ومن النادر جداً ألاّ يعثر شخص استطاع أن يحتفظ ببعض المال على وسيلة للتفاهم مع الموظفين المحليين.هذا الوضع القائم كان سائداً أقله حتى تعيين عبد الخالق ونوري في تشرين الأول 1915. ومع ذلك، فإن وصولهما لم يكن كافياً لوقف العطف المغرض الذي أعربت عنه الإدارة المحلية. لقد توجب عليهما أن يناضلا مدة لا تقل عن عشرة أشهر ليتوصلا إلى وقف سيل المرحلين الذين يسعهم التخفي في حلب. وبفضل أعضاء الجالية المحلية، وخصوصاً الأخوين أونيك وأرميناك مظلوميان، صاحبَي فندق “بارون” الشهير، وبعض المرحلين الأرمن الاسطنبوليين أمثال الدكتور بوغوصيان والموظفين الأرمن العاملين في سكة الحديد، والذين لا تستطيع السلطات الاستغناء عنهم، أنشئت شبكة سرية للمساعدة الإنسانية وتوزيع الإعانات المباشرة على المرحلين، واتسعت فروعها حتى دير الزور. وسهّل عطف القنصلَين الأميركي والألماني، جسي جاكسون ووالتر روسلر، نقل مبالغ ضخمة كانت الشبكة بحاجة إليها لمساعدة المرحلين. وقد أدت المرسلة السويسرية بياتريس روهنر مع زميلتها باولا شافر دوراً بالغ الأهمية في تنظيم الإعانات والحصول على مساعدات مالية طائلة. وإذا كانت كلتاهما تنتميان إلى الإرسالية الألمانية “الجمعية الألمانية لأعمال البر المسيحية “، استطاعتا، بدعم من الدكتور فرد شيبرد من مستشفى عنتاب الاميركي، أن تتلقيا الأموال التي جمعها في الولايات المتحدة “مجلس ادارة المندوبين الأميركي للإرساليات الخارجية”، وتقوم مهمته الأبرز على إخفاء آلاف الأرامل والأطفال اللاجئين في المدينة. وقد جرى إيواء عدد كبير منهم لدى عائلات مسيحية عموماً وأرمنية على وجه الخصوص، كما قامت الشبكة بعمليات لإنقاذ المثقفين الشباب. وكان البعض يفكر آنذاك، على ما يظهر، في إعادة بناء الأمة الأرمنية وتوظيف الأموال المتاحة في تهيئة رجال بإمكانهم أن يضطلعوا بهذه المهمة. في نهاية 1915، كانت حلب متخمة بنحو أربعين ألف مرحل غير شرعي (21)، وقع قسم كبير منهم ضحية المداهمات التي نفذتها السلطات اعتباراً من آذار 1916. إن رحيل الوالي مصطفى عبد الخالق، في 26 ايلول 1917، جعل حضورالمرحلين اسلم عاقبة. فقد عاد تدريجاً عدد من الأرمن الناجين من مجازر الزور أو من المتخفين في المناطق الريفية يبحثون عن عون لهم وملاذ في العاصمة الإقليمية. إن إقفال الميتم الألماني التابع لبياتريس روهنر، ونفي الأخوين مظلوميان إلى زحلة، وتوقيف محرك العمل الانساني، مطران حلب المساعد هاروتيون يسايان في شباط 1917، كل ذلك أدى إلى وضع حد شبه نهائي لبرنامج إغاثة المرحلين وحل اللجنة المكلفة تنظيم المساعدات. كانت حلب المحررة أخيراً مع منطقتها تضم حينذاك، في 26 تشرين الأول 1918، أربعين ألف ناج أرمني. مرحلو دمشق، وحماه وحمص الأرمن دمشق هي أيضاً، ولو بنسب أقل منحلب، كانت مكاناً لتجميع المرحلين الذين تمكنوا من الإفلات من مسلخي دير الزور ورأس العين. وهم تألفوا أساساً من حرفيين يعملون لسد احتياجات الجيش الرابع العثماني بقيادة أحمد جمال (23). فقد أفادوا من وجود جالية أرمنية قديمة، قوامها حوإلى أربع مئة عضو، وبلغ عددهم، في تشرين الثاني 1917، ثلاثين ألف منفي أرمني (24)، تكيّفوا تمام التكيّف مع متطلبات الحياة المحلية(25). ومع ذلك، بدا أن البقاء في دمشق كان رهناً بشرط الارتداد إلى الإسلام المفروض على المرحلين (26). وحين سقطت المدينة في أيدي القوات العربية والبريطانية، في 1 تشرين الأول 1918، كان لا يزال هناك نحو ثلاثين ألف نسمة يشكون من وضع غير مستقر بوجه خاص، إذ كانوا محرومين من العائدات التي يؤمنها لهم عملهم لصالح الجيش العثماني (27). أما الوضع في حماه فكان مختلفاً بشكل ملحوظ، إذ تم، منذ كانون الأول 1915 (28)، إسكان قرابة خمسة آلاف أرمني متحدر من أضنه، وقيصرية، وعنتاب وانطاكيه. وفي أمد قصير، تحوّل نصف حوانيت السوق إلى أيدي أرمن أضنه وعنتاب، الذين لم يتكبدوا ما تكبده الآخرون من آلام، وإنما استطاعوا حتى بيع قسم من ممتلكاتهم قبل الإقدام على الرحيل. ولأنهم صيادلة، وأطباء أسنان، وسمكريون الخ… أدوا خدمات للمدينة التي كان يعوزها أشخاص متخصصون. فأول محترف للتصوير والمطاعم الأولى في المدينة افتتحها مرحلون في الفترة نفسها. ويلاحظ اوديان أن السلطات المحلية كانت تستدعي الأرمن، عند مرور أنور وجمال بحماه، لإعداد استقبال لهما. ولكن إلى جانب هؤلاء المرحلين المهرة في تدبير الأمور، كم من مرحلين عانوا من أوضاع قاسية، شأن أولئك النسوة الشابات المنتميات إلى مدينة صامسون، وقد وصلن إلى حماه بعدما عانين آلاماً ومحناً دامت أشهراً عدة (29). ويلاحظ شاهدُنا أيضاً حالات استثنائية حقاً شبيهة بحال موكب مؤلف من ثلاثين رجلاً قدموا من قيصرية، وكانوا أطباء أسنان وحرفيين، مكثت نساؤهم في بيوتهن، وقد ارتددن أو نُقلن إلى الرقة. وبما أن على المرء أن يبقى على قيد الحياة، وأن اختصاصاً كالطب هو في أغلب الأحيان بمنزلة جواز سفر إلى الحياة، فإن واحداً منهم، بحسب ما كتب اوديان، ادّعى أنه طبيب ممارس وقدّم وصفات لا أساس لها من الصحة لمرضى معجببين به. وصادف في المكان نفسه عائلات من أزميت ووجهاء من أضنة (30). ولم يحظَ بضع مئات الأشخاص الموجودين في حماه سوى بأشهر قليلة من الراحة. فقد نظم الحاكم العسكري للمدينة، عثمان بك (31) مداهمات استهدفت الأرمن في مطلع شهر نيسان 1916. وفي تموز 1916، تعرض كل المرحلين إلى تهديد آخر. لقد عرضوا عليهم أن يعتنقوا الاسلام ديناً تحت طائلة ترحيلهم مرة جديدة. وعلم مرحلو حماه أن الارتدادات الجماعية بدأت في حمص (32)، وأن البطريرك الأرمني زافين اقترح على المرحلين الذين تعرضوا للتهديد بالقبول، في انتظار هدوء العاصفة (33). من بين خمسة آلاف مرحل في المدينة، فقط ثلاثون امرأة صاصونية رفضن رفضاً قاطعاً الرضوخ وصرخن قائلات: ” لقد قتلوا أزواجنا وأولادنا، وخطفوا بناتنا، فليقتلونا الآن”. إن السكان العرب صدموا،على ما يظهر، من هذه الأساليب وأبوا دخول هؤلاء المرتدين إلى مساجدهم (34). وثمة مجموعة أخرى من الناجين كانت تتألف من ألفين إلى ثلاثة آلاف طفل، وبخاصة فتيات تتراوح أعمارهن بين أربع وثماني سنوات ألقت القبض عليهن عائلات عربية من حماه، وفتيان راحوا يتسكعون في الشوارع ويحاولون الاستمرار في العيش بكل الوسائل المتاحة؛ بينهم ولد في الحادية عشرة أو الثانية عشرة استرعى انتباه اوديان: فلكي يكسب لقمة العيش، كان يبيع أخته التي تصغره سناً إلى أزواج محرومين من أولاد، ثم يستعيدها ويعاود بيعها مجدداً. وكان عدد من النساء المتوحدات يعتشن باشتغالهن خادمات في البيوت اليونانية الملكية والسريانية في المدينة. فعمد المتصرف الجديد، مطلع 1917، إلى مداهمتهن جميعاً بحجة ارتدادهن إلى الاسلام، وبالتالي لم يعد بوسعهن أن يخدمن العائلات المسيحية (36). ووصلت مجموعة أخيرة إلى حماه، في ترتيب مشتت، نهاية عام 1916، وكانت تضم بعض الناجين بأعجوبة من دير الزور (37). لدى وصول القوات البريطانية إلى المنطقة، خريف 1918، قُدّر عدد المرحلين الأرمن المستقرين في المدينة وضواحيها بعشرة آلاف (38). أما حمص فآوت، من ناحيتها، ما بين ألفين وثلاثة آلاف مرحل أرمني. لقد نجا القسم الأكبر من هؤلاء أيضاً بعدما أكرهوا على الارتداد، وانصرفوا إلى العمل في المؤسسات العسكرية حتى وصول الفرق البريطانية والقوات العربية (39). المرحلون المبعدون إلى الأردن وحوران عدا عن مناطق الإبعاد السورية، استقبلت مناطق عدة واقعة إلى الجنوب مرحّلين. ويروي البطريرك زافين أن ثمة ألف عائلة موزعة في ضواحي السيلط، والكرك، وعمان وفي سنجق سراي (40). وبحسب ضابط شركسي في خدمة جمال باشا هوحسن امجا، كان هناك، في أيار 1916، ما بين عشرين وثلاثين ألف عائلة في مناطق مختلفة من حوران وجبل الدروز. وكان هذا الرجل مطّلعاً جداً على مصير هؤلاء المرحلين، ذلك أن جمال باشا كلفه تنظيم نقلهم إلى بيروت ويافا خلال صيف 1916 (41). ولوضع هذه التوجيهات حيّز التنفيذ، قصد حسن امجا درعا، مركز محافظة حوران، في أواخر شهر آب، بصفته موفد اللجنة الخاصة المعنية بمرحلي حوران. واصطدم، على الأرض، بعداء مدير فرع “السفكيات” الدمشقي نجاد بك، موفد “الاتحاد ” الإقليمي أيضاً. كما كان قد فرغ لتوه من إنجاز عمليات ارتداد المرحلين. ويذكر أنه “حُكم على كاهن أرمني بالموت بحرمانه من الطعام لرفضه رفضاً قاطعاً اعتناق الدين الإسلامي” (42). وفي الأماكن الأولى التي زارها، اكتشف آلاف الأشخاص الذين كانوا في حالة هزال شديد، “وجناتهم مجوفة، سواعدهم وسيقانهم كأنها قضبان، كانوا أشبه بمومياءات وهم يعانون سكرات الموت” (43). وبعد ذلك، صادف في “الجبل” المطل على صحراء حوران مجموعة من القرى، حيث كان ” 30000 إلى 40000 مرحل قد قضوا من التيفوس والحمى الراجعة والملاريا التي كانت تجتاح المنطقة بعنف”. وفي حزراكوي، على بعد ساعة من كفرندجه، علم أن أربعمئة وسبعة عشر شخصاً من المبعدين إلى تلك القرية لقوا حتفهم: “في أزقة القرية الضيقة، كان أشخاص أموات أحياء يتقدمون بمشقة متكئين على عكازات” (44). ورغم ذلك، تمكّن من استعادة أربعمئة أرملة ويتيم في هذه المناطق الجبلية من جبل الدروز وإعادتهم إلى درعا، ومنها توجهوا في ثلاثة مواكب إلى دمشق وطرابلس الشام وحيفا ويافا وعكا. هذه العملية المتواضعة التي قرّرها جمال باشا، بينما كانت اسطنبول تقدم على إبادة المرحلين في معتقلات خط الفرات، أثارت نزاعاً حاداً بين حسن امجا وموفد الاتحاد في دمشق نجاد بك. فقد كان هذا الأخير أمره خطياً بوقف أعمال الترحيل هذه، ولكن نظراً إلى عناد الضابط، توجه كلاهما إلى دمشق لعل جمال باشا يحسم خلافهما. ويبدوأن التقرير عن اللقاء، الذي كتبه حسن امجا، أثبت أن قائد الجيش الرابع كان مصمماً بحزم على إنجاح مشروعه القاضي بإعادة إسكان مرحلي حوران الأرمن في لبنان وفلسطين. والواقع أن جمال باشا استطاع أن يعزل موفد الاتحاد من مهامه، وأن يعيّن والي دمشق، تحسين بك، مديراً للمرحلين. ووفقاً لحسن امجا، فإنه قصد درعا بصحبة تحسين بك في 25 أيلول 1916. وهكذا استؤنفت بصورة مؤقتة عملية إرسال مواكب المرحلين (45). ولئن لم يحقق هذا المشروع الهدف المنشود ـ إذ كان كثيرون من المرحلين قد غيبهم الموت ولم يبقَ في حوران سوى ثلاثة إلى أربعة آلاف أرمني ـ، فإنه مع ذلك نم عن تباين حاد بين جمال وإدارة الاتحاد. وإذا أخذنا في الحسبان الممارسات القمعية التي تبناها جمال حيال نخب سوريا ولبنان العربية، يمكننا أن نتساءل ما هي الحوافز التي دفعته إلى تهيئة حملة مناوئة لسياسة حزبه. ويكتفي هذا الأخير بكتابة الآتي في “مذكراته”: “كنت أعتقد من الأفضل أن آتي بقسم كبير منهم إلى ولايتَي بيروت وحلب السوريتين” (46)، من دون أن يميط لنا اللثام عن الأهداف التي كان يسعى هكذا إلى تحقيقهـا. لقد حررتالقوات البريطانية المجموعة الأولى المؤلفة من أربعين ناجياً في تشرين الثاني 1917 في منطقة وادي موسى (في الأردن) التي تشكل الحدود الجنوبية لمناطق الإبعاد. وكانوا قد أقاموا في مساكن صخرية أو في خرائب مدينة البتراء (47). كما أتاح لهم الاستيلاء على القدس، في 9 كانون الأول، أن يكتشفوا حوالى خمسمئة مرحل لجأوا إلى توابع دير القديس يعقوب الأرمني (48). وبُعيد ذلك، تم إيواء نحو مئة يتيم استُردوا من منطقة السلط الواقعة غرب عمان في دير القديس يعقوب أيضاً. وكذلك عثر في الطفيلة، في الطرف الجنوبي من البحر الميت، أثناء العمليات العسكرية في شباط 1918، على تسعمئة مرحل في حالة صحية رهيبة. لقد شكلوا بقايا موكب من عشرة آلاف شخص تقريباً يتحدرون من غورون، مرعش، وهادجين، ودورتيول، وقيصريه وماردين، وصلوا إلى الطفيلة. وفي نيسان 1918، أغاث البريطانيون ألفاً وخمسمئة مرحل كيليكي يعيشون في السلط بالقرب من عمان، وآخرين في الكرك لجهة الجنوب، وهم يتحدرون من أضنه، ومرعش، وعنتاب، وكسب وقارص بازار (50). وأخيرا اكتشفت القوات الفرنسية، في خريف 1918، أربعة آلاف أرمني في بيروت، إبان دخولهم المدينة في 8 تشرين الأول، وألفاً في بعلبك وزحلة؛ وبكلام آخر، كان ثمة مئة ألف مرحل على محور حلب ـ دمشق ـ سيناء عشية إعلان الهدنة. مرحلو منطقتي الموصل وبغداد أما المجموعة الثانية البارزة من المرحلين فكانت مقيمة في بلاد ما بين النهرين. ويشير البطريرك السابق زافين، المبعد إلى الموصل، إلى أن القوات التركية غادرت المدينة في 21 تشرين الأول 1918 (52). عندها عمد زافين يغيايان، بمؤازرة الفرق البريطانية، إلى تجميع النساء والأطفال المشتتين في المنطقة. فاستأجر خمسة منازل آوى فيها الناجين القادمين من الصحراء (53). فارتفع عدد المرحلين المجمعين، حتى نهاية كانون الأول، إلى ألف وسبعمئة مرحل، ليصبح في كانون الأول 1919 أربعة آلاف بينهم ألف يتيم. غيرأن المشكلة الأساسية تمثلت فيخمسة وسبعين ألف أرمني وسرياني ـ كلداني ينتمون إلى سهلَي اورميا وسلمست، سلكوا دروب المنفى باتجاه همذان وبعقوبة في 18 تموز 1918، هرباً من تهديد جنود علي إحسان باشا العثمانيين بارتكاب مجازر بحقهم. فبعد الجلاء عن أذربيجان الإيرانية، قام هؤلاء المسيحيون بمسيرة طويلة بحثاً عن حماية بريطانية، غير أن القوات التركية طاردتهم وقتلت العديد منهم في ضواحي حيدراباد، كما لقي آخرون حتفهم أثناء الهجمات التي قامت بها العشائر الكردية في الطريق، فيما قضى آخرون نتيجة الإرهاق والجوع والمكايد، شأن أولئك الخيالة الأربعمئة المرتدين بزات بريطانية، الذين اغتالوا حاكم فان السابق كوستي همبارتسوميان، على مشارف ممر قلعة ساهين الجبلي، حيث نُصب كمين حقيقي. خلال هذه العملية التي نفذتها في آن واحد قوات تركية وعناصر كردية غيرنظامية، أزهقت أرواح خمسة آلاف شخص تقريباً. وقدر عدد المسيحيين اللاجئين إلى همذان، أواخر أيلول 1918، بخمسين ألف مسيحي، خمسة عشرألفاً منهم أرمن، ومعظمهم من منطقة فان تمكنوا من بلوغ بعقوبة الواقعة شمال شرق بغداد (57). وتوزع الأرمن الذين استقروا خلال الخريف في معسكر الخيم هذا في كانون الأول 1919 على النحو الآتي: عشرة آلاف ومئتان وسبعة وأربعون شخصاً من منطقة فان؛ وألفان وخمسمئة وأربعون شخصاً من أذربيجان الإيرانية؛ وخمسمئة وسبعة وأربعون شخصاً من بتليس؛ وثلاثمئة وخمسة وثلاثون شخصاً من حلب؛ ومئتان وتسعون شخصاً من كيليكيا؛ فيما الباقون كانوا من مواليد القوقاز، وأرضروم، وسيواس، وخاربرت، وبورصا، وأنقره والعاصمة (58). هذا وكان للمعسكر ميتم تأسس في تشرين الأول 1918، وتديره الجمعية الراعية للأيتام الأرمن، ومقرها في مصر. ألف ومئتا طفل، غالبيتهم من منطقة فان وأذربيجان تم إيواؤهم تحت الخيم. إن رقم المئة وخمسةعشرألفمرحل أرمني موزعين في المثلث المحصور بين سوريا والطرف الشمالي الغربي من الخليج الفارسي وشبه جزيرة سيناء عند توقيع الهدنة، هو، من دون ريب، قريب من الواقع. غير أنه لا يأخذ في الحسبان فئة أخرى من الناجين، وهم النساء والأطفال المعتقلون في تلك المناطق نفسها، وسط القبائل البدوية،الذين أتى فاهه طاشجيان لى ذكر مصيرهم المأســاوي. 1 ـ تانير اكتشام، “من الإمبراطورية إلى الجمهورية، القومية التركية والإبادة الجماعية الأرمنية”، لندن ونيويورك 204، ص. 144 ـ 149. 2 ـ جمال كوتاي، “التشكيلات المخصوصة في الحرب العالمية الأولى والشبان الأتراك”، اسطنبول 1962، ص. 60 ـ 63. 3 ـ فواد دوندار، “سياسة الاتحاد والترقي لإسكان المسلمين (1913 ـ 1918)” اسطنبول 2001، ص. 92 ـ 174 خصوصاً وخريطة ص. 93. 4ـ م.ن.ص. 201 ـ 225؛ أرشيف بطريركية القسطنطينية / البطريركية الأرمنية في القدس، مكتب استعلامات البطريركية 30 ز. “مسلمون هاجروا إبان الحرب البلقانية والحرب الشاملة “، يقدم الكشف التالي: ولاية ادرنه 132500 شخص، ولاية اضنه 9059، ولاية انقرة 10000؛ ولاية آيدن 145868؛ ولاية حلب 10504؛ ولاية بروصا 20853؛ ولاية سيواس 10806؛ ولاية قونية 8512؛ الخ، من مجموع عام هو413922 شخصاً. 5ـ الخارجية البريطانية 371 / 6500، الملفات الشخصية العائدة لمجرمي الحرب الأتراك الرئيسيين، وخاصة ملف شكرو بك الذي نشره فارتكس يغيايان، “ملفات الخارجية البريطانية العائدة لمجرمي الحرب الأتراك”، باسادينا 1991، ص 143 ـ 146. وأصبح هذا الأخير، خلال العهد الكمالي، وزيراً للداخلية. 6ـ ابق ـ ب ا ق، ج 125 ـ 128ـ 129 ـ 130. 7ـ اب ق / ب ا ق، ب 456 رقم 241، برقية مرمزة لوزير الداخلية إلى ولاية أرضروم، تاريخ 10/ 23 أيار 1915. 8ـ أرشيف رئاسة الجمهورية التركية، 22 شعبان 1333، إدارة إسكان العشائر والمهجرين، تعميم علي منيف، إدارة المرحلين 54 / 315، مستند رقم 63، ا ب ق / ب ا ق، ب 455 رقم 51، توجيه مرفق ببرقية مرمزة صادرة عن القائد بالوكالة لفرقة قيصريه 15، الكولونيل شهاب الدين، وموجهة إلى قائد الجيش الثالث، 24 حزيران / 7 تموز 1915 ] 24 حزيران 1331[. 9 ـ تقرير ج. موردمان، مؤرخ من بيرا 30 حزيران 1915، رقم 418، القسطنطينية 169، ذكره هلمار كايزر، “سكة حديد بغداد، السياسة وتطور تشوكور اوفا الاجتماعي ـ الاقتصادي”، أطروحة دكتوراه، جامعة فلورنسا الأوروبية 2001، ص. 321 ـ 322، ورقم 790. وقد أخرج فواد دوندار من طي النسيان خرائط متعلقة بالأعراق البشرية وإحصاءات للسكان أُعدت عشية الحرب العالمية الأولى أو أثناءها، كنا على علم بها عبر أقوال الشهود أمثال موردمان ؛ فواد دوندار، “البعد الخاص بدراسة المشاريع الآيلة إلى تتريك الاناضول: الخرائط المتعلقة بالأعراق البشرية والإحصاءات”. مداخلة خلال مؤتمر نظم في سالزبورغ، 14 ـ 17 نيسان 2005. 10ـ فليح رفقي اتاي، “جبل الزيتون”، اسطنبول 1981، ص. 64. المؤلف، وهو ضابط في الجيش الرابع، سافر مع الناشطة في الحركة النسائية والمنتمية إلى جماعة الشبان الأتراك، خالده اديب، في قطار متوجه إلى حلب، رأته يصعد في محطة اضنه، وسمعت حكاية “مآثره”، في الولايات الشرقية. 11ـ الأرشيف الوطني، وزارة الدولة 86748 / 271، تقرير جاكسن وه. مورغنتاو، 8 شباط 1916، رقم 534. 12ـ معسكر اعتقال بوزنتي (صيف ـ خريف 1915): ضم 10000 قتيل؛ معمورة (صيف ـ خريف 1915): 40000 قتيل؛ اصلاحيه (آب 1915 ـ مطلع 1916): 60000 قتيل؛ معسكرات العمل في أنفاق امانوس (أيار ـ حزيران 1916): 20000 شخص قتلوا في قوافل مختلفة؛ راجو، قطما وعزاز (خريف 1915 ـ شباط 1916): 5000 قتيل؛ ممبج (خريف 1915 ـ شباط 1916): حلب والمعسكرات الموزعة في ضاحيتها (صيف 1915 ـ نيسان 1916) 3000 قتيل سقطوا فريسة الجوع والأوبئة و4000 قتيل في ضواحيها؛ مسكنه (تشرين الثاني 1915 ـ نيسان 1916): 60000 قتيل؛ دبسي (تشرين الثاني 1915 ـ نيسان 1916): 30000 قتيل؛ ابوهرار (تشرين الثاني 1915 ـ نيسان 1916): ؟؛ حمام (تشرين الثاني 1915 ـ نيسان 1916): ؟؛ سبقا (قبالة الرقة) (تشرين الثاني 1915 ـ حزيران 1916): 5000 قتيل؛ زور مراد ( تشرين الثاني 1915 ـ كانون الأول 1916): 195750 قتيلاً بين سوفار والشدادية؛ منطقة الموصل (خريف 1915 ـ 1917): 15000 شخص قتلهم الجنرال خليل؛ مناطق حماه / حمص / دمشق / عمان / حوران / معان (خريف 1915 ـ صيف 1916): 20000 قتيل وخصوصاً في حوران؛ ريمون ه. كيفوركيان، “إبادة المرحلين الأرمن العثمانيين في معسكرات اعتقال سوريا ـ بلاد ما بين النهرين (1915 ـ 1916)، المرحلة الثانية من الإبادة الجماعية ” (1998). 13 ـ اندره اوتمان، “البنك الإمبراطوري العثماني”، باريس 1996، ص 240. 14-قره بت كابيكيان، “تاريخ محرقة أرمينيا الصغرى وعاصمتها الكبرى، سيواس”، بوسطن 1924، ص 468 ـ 469؛ ب ا ق، 1611، “اتهامات في حق اسماعيل حقي بك، طاغية دير الزور”. 15ـ رقم ذكر في قرار اتهام قادة الشبان الأتراك، وتلي أثناء الجلسة الأولى لمحاكمتهم، في 27 نيسان 1919: الجريدة الرسمية رقم 354، 5 ايار 1919. 16ـ أرشيف الولايات المتحدة الوطنية، قسم الدولة سجل 59، 86704016 /219، برقية موجهة إلى ه. مورغنتاو: صرافيان (دار نشر)، “وثائق الولايات المتحدة الرسمية بشأن الإبادة الجماعية الأرمنية”، م. س..،ص. 112 ـ113. 17ـ يرفانت اوديان، “السنوات الملعونة، 1914 ـ 1919، ذكريات شخصية”، صدر في مقالات مسلسلة في “الزمان” بدءاً من 6 شباط 1919، رقم 3440، رقم 51. 18 ـ م.ن. رقم 52. 19ـ هلمار كايزر، “على مفترق طرق دير الزور”: موت، بقاء ومقاومة إنسانية في حلب، 1915 ـ 1917. برنستون 2001، ص. 28. 20ـ كايزر، على مفترق…، م.س. ص. 31 ـ 57، يقدم ملخصاً جيداً عن عملهم في حلب وضواحيها، ويشير إلى أن عملية توزيع المساعدات كانت تعتمد على شبكة أرمنية وحسب. 21 ـ المطران يغيشه تشلنكريان، المقيم في حلب من تشرين الثاني 1916 ولغاية شباط 1917، يقدر عدد المرحلين الأرمن في المدينة بين 25000 و30000 شخص: وصف مختلف الأحداث والوقائع المتعلقة باللاجئين والرهبان في كل من القدس وحلب ودمشق، 1914 ـ 1918، الاسكندرية 1922، ص. 31. 22ـ زافين دير يغيايان، “مذكراتي كبطريرك”، القاهرة 1947، ص. 179 23ـ أرشيف مكتبة نوبار، ا. كندرجيان، “الأرمن في دمشق قبل التحرير وبعده” ص. 1. 24ـ ملاكيا اورمانيان، “تأملات وأقوال”، القدس 1929، ص.352. 25ـ تشيلنكريان، م.س.، ص. 29 و42. 26ـ غندجيان، وثيقة سابقة ]رقم 19[، ص. 2. 27-“النهضة”، رقم 46، السبت 25 كانون الثاني 1919، بفضل مساهمة قدرها 500000 ليرة تركية قدمتها الجمعية الخيرية العمومية الأرمنية، أُمكنت مساعدة هؤلاء المرحلين على جناح السرعة. 28ـ اوديان، “السنوات الملعونة”، 1914 ـ 1919، م. س.، رقم 54 ـ 55. 29ـ اوديان، م. س. رقم 55. 30ـ م. ن.، رقم 56. 31ـ م. ن.، رقم 58. 32ـ م. ن.، رقم 59. 33ـ دير يغيايان، مذكراتي، م. س.، ص 177. 34ـ م. ن. رقم 60 ـ 1. 35ـ اوديان، “السنوات الملعونة”، 1914 ـ 1919” رقم 61 و]62[ (أشير إليه بـ61). 36ـ م. ن. رقم ] 62[ (أشير إليه بـ61). 37ـ م.ن. رقم 63. 38ـ ا. م. ن.، المصدر الوفد الأرمني الوطني 1 ـ 15، مراسلات شباط ـ آذار 1919. رسالة رقم 32 مرسلة من الاتحاد الوطني الأرمني في بيروت إلى بوغوص نوبار، 2 كانون الأول 1918. 39ـ م. ن. 40ـ دير يغيايان، مذكراتي، م. س. ص. 177. 41ـ عقب إعلان الهدنة في حزيران 1919، نشر حسن امجا مجموعة من أربع مقالات تروي مصير هؤلاء المرحلين في جريدة “المدار” الاسطنبولية، قبل أن تجبر ردود فعل “الرأي العام” الجريدة على وقف النشر. غير أن جريدة “النهضة” الفرانكوفونية نشرت ترجمة كاملة لهذه المقالات تحت عنوان “أحداث ووثائق” في أعدادها رقم 18 ص. 3 تاريخ 8 تموز 1919؛ ورقم 189 ص. 2، 11 تموز 1919؛ ورقم 192 ص. 2، 15 تموز 1919؛ ورقم 198 ص. 2 ـ3، 22 تموز 1919. 42ـ م. ن. رقم 186، 8 تموز 1919، ص. 3. 43ـ م. ن. رقم 189، 11 تموز 1919، ص. 2. 44ـ م. ن. رقم 192، 15 تموز 1919،ص. 2. 45ـ م. ن. 46ـ جمال باشا، “مذكرات رجل دولة، 1913 ـ 1918″، لندن 1922، ص. 279. 47ـ ا. م. ن.، أرشيف الجمعية، مراسلات المركز، الجزء 23، رسالة المجلس المركزي إلى الكولونيل ديدس، مدير شعبة المخابرات، المكتب الحربي، 5 تشرين الثاني 1917، الورقة 225. 48ـ م. ن.، الجزء 24، رسالة المجلس المركزي إلى مدير شعبة المخابرات في القاهرة، 31 كانون الأول، الورقة 139. 49ـ “900 مرحل حرروا بدورهم في الطفيلة (سيناء)”، الاتحاد كانون الثاني ـ شباط 1918، رقم 61، ص. 5. 50ـ ا. م. ن.، أرشيف الجمعية، مراسلات المركز، المجلد 26 الورقة 91: الدائرة التاريخية للبحرية، دائرة استعلامات البحرية، المجموعة الفرعية ك. 87، تقرير غسّن، القدس 29 كانون الثاني 1919، يؤكد وفقاً للمعلومات المرسلة من أ. منديكيان، التوترات التي سادت المنطقة، ووجود شابات كثيرات ونساء في الحريم، لم يتمكن الموفدون من استردادهن. 51ـ م. ن. 52ـ دير يغيايان، “مذكراتي” ص. 242 ـ 243. 53ـ م. ن.، ص. 247 ؛ ا. م. ن.، وثائق الوفد الوطني الأرمني، 1ـ15، رسالة المطران م. سيروبيان إلى بوغوص نوبار، الموصل 6 كانون الثاني 1919، تشير إلى مئة مومس. 54ـ دير يغيايان، “مذكراتي”، م. س. ص. 249 ـ 250، 269 و273. إن تجميع هؤلاء المرحلين تيسر بفعل الأبوين برسيخ طوروسيان من ارسلان بك وغيفونت من جيفه. 55ـ مكدالينا كولنظاريان ـ نشانيان، أرمن اذربيجان: “تاريخ محلي ورهانات إقليمية، 1828 ـ 1918″، أطروحة دكتوراه، جامعة باريس 3، 2002، ص. 198 ـ 199. 56ـ AMG، 16 ن. 3186: ارتور بيبريان، “الدول الكبرى، الإمبراطورية العثمانية والأرمن في الأرشيفات الفرنسية (1914 ـ 1918)، باريس 1983 ص 670. 57ـ تقرير أرسل إلى وزارة الخارجية بتاريخ 26 كانون الأول 1918: أرشيف الدولة المركزي لتاريخ أرمينيا، المصدر 276، الجزء 1، الرزمة 79، رقم 1 ـ 7: كولنظاريان ـ نشانيان، “أرمن اذربيجان”، أطروحة ذكرت سابقا، ص. 200؛ أرشيف الدولة المركزي لتاريخ أرمينيا، المصدر 57، الجزء 5، الرزمة 198، الورقتان 1 ـ : م. ن. ص. 202 ـ 203. 58ـ أرشيف الجمعية المركزي، القاهرة، بغداد، 1910 ـ 1937، رسالة من لجنة بغداد إلى مقر القاهرة المركزي، تاريخ 18 حزيران 1920.