كتب محمد مندور البلد-مصر 25 آب/اغسطس 2013 -جثث 1.5 مليون أرمني شاهد على أجداد أردوغان -على مصر أن تعترف بجرائم الأتراك والإبادة الأرمنية عام 1915 -تشكيل حلف عربي للاعتراف بالقضية الأرمنية أكبر ضربة سياسية لتركيا -بروكسل أقامت نصبا تذكاريا لضحايا الأرمن وعلى مصر حذو حذوها فى الوقت الذى تتخذ فيه تركيا موقفا متشددا من الحكومة المصرية من أجل جماعة الإخوان المسلمين وتعمل على التحرك دوليا بزعم ارتكاب جرائم بحق الإخوان، وافقت بلجيكا التى يقع بها مقر الاتحاد الأوروبى على إقامة نصب تذكارى لإحياء ذكرى ضحايا العثمانيين من الآشوريين والسريان، والتى تعرف عالميا بمذابح الأرمن، تلك القضية تعد أهم فضائح تاريخ الأتراك في القرن الماضي. فى عام 2015 المقبل سيكون مر قرن كامل على مذابح الأرمن التى ارتكبتها القوات التركية أثناء الحرب العالمية الأولى، ورغم تأكيدات المصادر التاريخية القتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن من قبل الامبراطورية العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى من خلال المجازر وعمليات الترحيل والترحيل القسري، وهى عبارة عن مسيرات في ظل ظروف قاسية مصممة لتؤدي إلى وفاة المبعدين من قراهم ومساكنهم، إلا أن تركيا من جانبها ترفض الاعتراف بهذه الجريمة وتتهم آخرين من المشاركين فى تلك الحرب، بارتكاب المجزرة، التى يحييها الأرمن فى شهر أبريل من كل عام. عام 1915 قام أجداد أردوغان في ظل تخاذل دولي بتنفيذ أكبر مذابح في التاريخ البشري للأرمن المعروفة باسم المذبحة الأرمنية أو الجريمة الكبرى. ويبدو أن مذابح الأرمن في تركيا علي يد أجداد رجب طيب أردوغان تلوح في الأفق مع تطلعات أردوغان في إعادة العهد الدموي للعثمانيين في بعض دول الجوار لتركيا ومحاولاته قيادة أو دعم مليشيات إرهابية في سوريا ومصر للقضاء علي كل ما هو مخالف أو مقاوم لأحلامهم أو سياساتهم. تاريخ العلاقة بين الأرمن والدولة العثمانية بدأت عام 1514 م عندما استولى العثمانيون بقيادة السلطان سليم الأول على أرمينيا بعد إلحاق الهزيمة بالفرس الصفويين في معركة سهل جالديران، ويعتبر هذا التاريخ تاريخا أسود بالنسبة للأرمن فقد استغلهم الأتراك لكونهم متعلمين وحرفيين كما أرهقوهم بكثر الضرائب، فالعلاقات بين الأتراك والأرمن بدأت تزداد سوءا شيئا فشيئا فاضطر كثير من الأرمن إلى الهرب من بطش الأتراك إلى البلاد المجاورة، واستوطن عدد كبير منهم في سوريا، حيث وجدوا الأمان وعملوا في المهن الحرفية الدقيقة والصناعات، كما انتقلت أعداد منهم إلى مصر و لبنان وفلسطين والأردن. خلال القرن التاسع عشر، تحسنت أوضاع الأرمن لتصبح أكثر طوائف الدولة العثمانية تنظيما وثراءً وتعليمًا، وعاشت النخبة من الأرمن في عاصمة الإمبراطورية العثمانية مدينة اسطنبول، حيث تميزوا بالغناء الفاحش وكان لهم نفوذ اقتصادي كبير في الدولة. تعرض الأرمن في عهد الدولة العثمانية إلى عدة اعتداءات كان أبرزها مذابح الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، ففي عام 1915 تم اعتقال أكثر من 250 من أعيان الأرمن في اسطنبول وبعد ذلك، طرد الجيش العثماني الأرمن من ديارهم، وأجبرهم على المسير لمئات الأميال إلى الصحراء وتم حرمانهم من الغذاء والماء، المجازر كانت عشوائية. وقامت الدولة العثمانية بعمليات قتل متعمد ومنهجي للسكان الأرمن خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، وقد تم تنفيذ ذلك من خلال المجازر وعمليات الترحيل، والترحيل القسري وهى عبارة عن مسيرات في ظل ظروف قاسية مصممة لتؤدي إلى وفاة المبعدين، ويقدر الباحثون أعداد الضحايا الأرمن ما بين 1 مليون و1.5 مليون نسمة. عاش الأرمن سنوات الشتات إلا أنهم استطاعوا تكوين جاليات كبيرة، حافظت على علاقاتهم الاجتماعية وطقوسهم وتاريخهم الأرمني حتى استطاعوا تكوين دولتهم فيما بعد ، ونالت أرمينيا استقلالها عن الاتحاد السوفييتي السابق عام 1991. لا تزال أرمينيا تتمتع بجالية كبيرة في مختلف دول العالم، ولا تزال الجالية الأرمنية بمصر من الجاليات الأكثر ارتباطا بتاريخ مصر، فتاريخهم يعود إلى عصر الدولة الفاطمية، كما زاد أعداد الوافدين من الأرمن إلى مصر عقب المذابح الأرمنية خلال القرن العشرين وحصلوا على الجنسية المصرية، ورغم تأسيس دولتهم عام 1991 إلا أن أرمن مصر تعلقوا بمصريتهم ولا زالوا يعيشون بها ويشاركون أهلها أحزانهم وأفراحهم وثوراتهم. الحديث عن القضية الأرمنية في الوقت الحالي أصبح أمرا في غاية الأهمية، فالمشاركة في المصلحة الواحدة والتاريخ الواحد تدفعنا للحديث عن ضرورة انضمام مصر والدول العربية التي أضرتها تركيا، في الماضي والحاضر، إلى ضرورة دعم القضية الأرمنية والتوقيع على وثيقة الاعتراف بمذابح الأتراك التاريخية بحق الأرمن. قضية الأرمن اعترفت بها 24 دولة، واعتراف الحكومة المصرية بمذابح الأرمن سيكون بمثابة ضربة لتركيا، خاصة أن الشعب يطالب بطرد السفير التركي لتمادي بلاده في تشويه مصر خارجيا وسعيه لتمويل منظمات إرهابية داخل البلاد تدعم جماعة الإخوان التي رفضها الشعب في ثورة 30 يونيو، والظروف حاليا تتطلب أن يكون القرار المصري على قدر طموحات الشعب للرد على تركيا بضربة قوية. دعم القضية الأرمنية ليس من باب المصلحة الآنية، وليست مجرد خطوة يمكن التراجع بعدها بتحسن الأوضاع والسياسات مع تركيا، بل هى قضية لا بد من دعمها والاستمرار في تقديم هذا الدعم مستقبلا، فالمذابح التركية ضد الأرمن نموذج لانتهاك آدمية وحقوق الإنسان، وبغض النظر عن الجنس والعرق واللون لا بد أن تنظر الحكومات والشعوب إلى تلك القضية بعين الاعتبار، فهى قضية محورية تدور حول حقوق الإنسان. لا شك أن المناخ السياسي في مصر مهيأ الآن للتواصل مع الجالية الأرمنية واللجنة الدولية لدعم الاعتراف بمذابح الأتراك ضد الأرمن، فالشعب المصري بلغ حدا كبيرا من الغضب والثورة تجاه سياسات تركيا لن يقبل معه انتهاكات سيادة وإرادة الشعب، كما أنه حان الوقت الآن أن تعترف مصر بجرائم الإبادة المنظمة تجاه الأرمن عام 1915 مع تبنى الدول العربية قرار إنشاء نصب تذكارى لضحايا المذبحة فى كل عاصمة عربية كما فعلت عاصمة الاتحاد الأوروبي.