(25أيلول/سبتمبر2011-KhabarARMANI):رحلة الوصول إلى كهف آينشكي التاريخي لا تبدو سهلة من دون دليل لا سيما أنها تستلزم المرور بمجموعة من القرى الكردية الجبلية التي يقطنها مزارعون وتتنقل بينها مجموعات من البدو الرُّحَّل الفارين من حرارة الصيف اللاهبة باتجاه المروج الخضراء. عند الوصول إلى باب الكهف الذي تدخلت فنون الهندسة المعمارية لنحت مدخل خارجي له، يتحول السكون الذي يرافق السائح طوال طريق الصعود ، في شكل مفاجئ، إلى حراك وحيوية، حيث تتمايل أجساد الشباب من الجنسين على أنغام الدَّبكة الكردية. آينشكي الذي تحول إلى معلم سياحي يرتاده السياح من مختلف مناطق العراق، منح اسمه الى إلقرية التي يقع فيها والتي تعرف بقرية (آينشكي) وتعني «كهف» باللغة الكردية، وتسكنها غالبية من الأرمن، وهو أقدم كهف لا زال مسكوناً في البلاد. وتشير المصادر إلى أن الكهف كان ملجأ لمئات الأرمن أثناء المجازر التي تعرضوا لها على يد الدولة العثمانية عام 1915، ساعدهم في ذلك طبيعة المكان الوعرة التي تجعل من الصعب الوصول إلى الكهف من دون الاستعانة بسكان القرية، فضلاً عن وقوعه في منطقة تقطنها غالبية مسيحية. وتؤكد المصادر ذاتها أن الأكراد اتخذوا الكهف كمستشفى لمعالجة الجرحى أثناء الحرب التي دارت بين السلطة الحاكمة وقوات «البيشمركة الكردية» في سبعينات القرن الماضي، حيث أقدمت البيشمركة على نحت فتحة صغيرة في أعلى الكهف لإدخال المساعدات الطبية والطعام إلى المكان، ثم عادت ملكيته إلى وزارة الثقافة والسياحة عام 1978، ثم إلى هيئة السياحة في حكومة إقليم كردستان بعد عام 2007 والتي عرضته للاستثمار كمطعم سياحي. الفتحة المنحوتة في أعلى الكهف تتوسط المكان الذي تحول إلى مطم سياحي وتتدلى منها مجموعة من الطناجر متوسطة الحجم تنتهي آخرها عند نافورة داخل الكهف. أما التجاويف الجانبية فاستثمرها صاحب المطعم لعرض الحيوانات المحنطة، التي علّق بعضها على مـحـيط الـجـدران عـلـى امـتـداد الـمكان الذي تروي جدرانه قصصاً وحكايات دارت داخله في عصور مختلفة. فريق هركي صاحب مطعم كهف آينشكي الذي يديره منذ عام 2008 قال لـ «الحياة» إن (المطعم الكهف) يرتاده مئات الوفود السياحية صيفاً، على العكس تماماً من فصل الشتاء الذي ينخفض فيه عدد الزبائن في شكل كبير. ويؤكد أن سكان القرية يحفظون تفاصيل كثيرة حول الوقائع والقصص التي جرت في آينشكي والتي يقترب بعضها من الأساطير الممزوجة بالواقع. كهف آينشكي الذي لا زال مسكوناً بالبشر منذ آلاف السنين يجافي الطبيعة في أجوائه الداخلية، فهو يتمتع ببرودة محببة في الصيف وبدفء ساحر في الشتاء يجذب الكثيرين من سكان القرية إلى داخله لينعموا بأجواء خاصة قل نظيرها.