الديك التركي يصيح على ظهر الجمل العربي

“دنيا العالم” زاهي رشيد علامة لا اخفي أبدا إعجابي الكبير بتركيا كدولة علمانية بنت نفسها بنفسها من جديد بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية, دولة تقوم على دستور واضح وقانون يطال الجميع, والحكام منتخبون من الشعب بحرية تعطيهم الشرعية الكافية لقيادة البلاد إلى حد كبير, لكنها اجتماعياً تعاني بشكل واضح من سيطرة العلمانيين بقوة العسكر على حساب الشعب الذي يعبق بروح الإسلام, أخر فصولها قضية الحجاب في الإدارات العامة والجامعات. هذا الإرث الإسلامي التاريخي لتركيا والهوية الإسلامية الحاضرة في الكثير من الجوانب الحياتية للشعب التركي ممكن أن تكون احد ابرز الأسباب التي تمنع الاتحاد الأوروبي من الموافقة على انضمام تركيا الاتاتوركية إليه حتى أصبحت الحكومات المتعاقبة كمن تشحذ بطاقة العضوية الأوروبية رغماً عن الإصلاحات الجمة التي قامت بها لتحقيق الشروط المطلوبة. هذا الرفض الأوروبي المزمن دفع الأتراك إلى خلع العباءة الغربية والالتفاف إلى المنطقة العربية لاسترجاع الحلم الأزلي بان تكون تركياإمبراطورية. نعم نقول التفاف وليس العودة إلى العباءة الإسلامية لان تركيا لم تكن يوماً إلى جانب الأمة الإسلامية بل على العكس لطالما كانت العامل الأساس في الهدم المنهجي للأمة العربية من خلال اربعمئة سنة استبداد واستعمار. من هنا انطلق في قولي أن ما تقوم به تركيا ليس بريئا تماماً بل يجب الصبر طويلاً لتبيان حقيقة هذا الاهتمام المفاجئ نحو العرب وفلسطين. الدور التركي الجديد في المنطقة ظاهره البسيط دعم العرب والمسلمين وباطنه استراتيجي استغلالي. وقد وجدت تركيا الأرض الخصبة للدخول من خلال الخلافات العربية الأزلية والتشرذم والمشاكل المستعصية التاريخية في المنطقة وغيرها وإلا فما معنى ألا تهتز تركيا للإبادة الدائمة بحق المسلمين في الشيشان الروسية أو قبلاً في كوسوفو الصربية المستقلة حديثاً و في ألبانيا وغير منطقة مسلمة في العالم؟ لا يشهد التاريخ أبدا على عنفوان أو استشراس تركي للقضايا الإسلامية بل العكس هو الصحيح فأول من فتك بهم الأتراك أيام الإمبراطورية العثمانية كانت المنطقة العربية المسلمة حتى قبل المجازر بحق الأرمن في ربيع عام 1915. وفي الفترة الممتدة من آب 1915 إلى أوائل عام 1917 اعدم الأتراك عشرات الوطنيين في دمشق وبيروت أيام سوريا الكبرى قبل ولادة لبنان الكبير على يد المفوض السامي الفرنسي غورو عام 1920 وكان جل هؤلاء الشهداءمسلمين بمختلف طوائفهم ومنهم شيوخ وأئمة مساجد إضافة إلى المسيحيين طبعاً وقد أقام وقتها والي الشام العثماني جمال باشا ( يعرف في لبنان وسوريا بجمال باشا السفاح نسبة لهذه الإعدامات) محاكم صورية أصدرت أحكام الإعدام بحق خيرة من الوطنيين الأحرار لأنهم أرسلوا وثائق إلى الانكليز والفرنسيين يطالبونهم بتخليصهم من الحكم العثماني المستبد, ويحتفل لبنان وسوريا في السادس من أيار من كل سنة بذكراهم، وساحة الشهداء الشهيرة في وسط بيروت سميت باسمهم مع نصب لتخليد ذكراهم بعد أن كان اسمها ساحة البرج, هؤلاء الشهداء ذبحوا على يد مسلمين أتراك وليس احدا آخر. إذا تركيا دولة قومية بنكهة إسلامية مزيفة, تركيا تقوم على أساس العرق التركي وليس الديني, ما زالت حتى اليوم تحارب الأكراد كعرق كردي مع أنهم مسلمون وصادرت لواء الاسكندرون من سوريا وسكانه كلهم مسلمون ما برحوا حتى اليوم يطلبون العودة الى الحضن السوري, عندما اشتد الخلاف السوري التركي لتسليم عبدا لله أوجلان رئيس الحزب العمالي الكردستاني إلى تركيا قام الأتراك بتقنين مياه الفرات إلى سوريا للضغط عليهم غير آبهين أنهم يقطعون المياه عن أخوة لهم مسلمين في الدين. طبعاً كل هذه الأحداث هي تاريخ مضى لكن من المفيد تذكير الشعب العربي بها لأهميتها التاريخية وليبنى على الشيء مقتضاه بدلاً من أن يهرول آلاف العرب رافعين صور اردوغان حتى تم تنصيبه زعيماً جديداً للعرب. في الأصل هذه مشكلة العرب الأزلية, التفكير لبضع سنتيمترات إلى الأمام فقط, لو فكروا يوماً ابعد أو نظروا إلى المستقبل لتغيرت كثير من الأمور, لو عرفوا استغلال انتصار حرب 1973 او غيرها من المعالم البطولية لقضوا على إسرائيل لكن كل الأمجاد توقفت بأرضها لقصر النظر وعدم وضوح الرؤية. نعم يمكن ان يكون اردوغان بشخصه ومعه ملايين من الأتراك قلوبهم على غزة وأطفالها كما شاهدنا خلال العدوان الإسرائيلي المشؤوم لكن السياسة الدولية لا تقوم على عواطف بل على مصلحة الدولة من هذه القضية أو تلك ولم يخف وزير خارجية تركيا الجديد احمد داوود اوغلو – العثماني الهوى والطموح – في أول تصريح له بعد تعيينه, طمع بلاده في دور إقليمي اكبر من الآن وصاعداً وهذا مؤشر يجب التنبه إليه لأنه ليس اعتباطياً ولا أظن أن الدور الإقليمي لأي دولة يكون بالمجان بل العكس تقبض ثمنه غالياً من مختلف الأطراف.ثقة اوغلو وطموحه السياسي في الدور التركي الجديد حسب رأيه يقوم على أن تركيا دولة ذات إمكانيات كبيرة تؤهلها لان تكون احد كبريات دول العالم وباعتراف الدول الكبرى كفرنسا وأمريكا بذلك, ولا يخفي اوغلو أبدا سعي تركيا إلى الامتداد نحو أي مكان يوجد فيه أتراك حاليا أو مروا به سابقا ً أو حكموه, وهو قد وضع عام 1992 كتابا بعنوان ” العمق والاستراتيجيا” يرسم السياسة الإستراتيجية لتركيا في القوقاز والبلقان ومنطقة الشرق الأوسط. لذلك يجب علينا التنبه للحركة التركية المستجدة ومقابلتها بنفس أهدافها دون أن ندعها تلبس ثوب الحمل الوديع فقط . أساسا, الم يكن مظهر مهند التركي جميلاً شكلاً ولما دخل بيوت العرب كان دماراً وتهديما؟

القادة العرب يهنئون ارمينيا بذكرى استقلالها

القضية الأرمنية فى المصادر العربية 1878 – 1923

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

تقرير طلعت باشا حول الإبادة الجماعية الأرمنية

أرشيف