مؤتمر برلين (13 تموز 1878)

إنطوى “مؤتمر برلين” على تراجع دولي في طرح القضية الأرمنية، من خلال عدم الإشارة إلى إسم أرمينيا، والتراجع عن المطالب الإصلاحية التي تضمنتها معاهدة “سان ستيفانو”، فضلا عن تكليف العثمانيين بهذه العملية الإصلاحية بدون ضمانات دولية، أي بدون إشراف وتدخل من القوى الدولية. وهذا ما مكن الباب العالي لاحقا من التصرف بالقضية الأرمنية بدون رقابة دولية، لتعود حالات الضغوط والتنكيل بالشعب الأرمني إلى سابق عهدها، وبصورة أقسى في بعض المراحل. وعلى رغم تحرك الهيئات الشعبية الأرمنية ومطالبتها الباب العالي بتحقيق المطالب الأرمنية المتعلقة بالإستقلال الذاتي، وغيرها من القضايا، فإن القضية الأرمنية بقيت في إطار المساومات الدولية، دون أن تقف القوى الدولية مجتمعة مع هذه القضية، وما تنطوي عليه من عدالة وحق في تقرير المصير. ولدت هذه المواقف الدولية عند الشعب الأرمني حالة مقاومة للسلطنة العثمانية، عبرت عنها تنظيمات ثورية أرمنية راحت تتشكل تحت وطأة الأحداث، ثم تبلورت في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني. وراحت القضية الأرمنية تظهر وتأخذ أبعادا إقليمية ودولية، بالتزامن مع تداعيات المسألة الشرقية المتعلقة ببحث مصير الأقليات – غير التركية – المنضوية في السلطنة العثمانية. وكما تحركت الجماعات القومية المختلفة في البلقان، والمنطقة العربية، تحرك الشعب الأرمني سعيا وراء الإستقلال الذاتي على الأقل وإنصاف الشعوب المضطهدة. واعتبر أن قضيته قد تجد حلا مناسبا من خلال بحث المسألة الشرقية. غير أن القوى الأوروبية – التي أهملت الحقوق القومية للشعوب الأوروبية في مؤتمر فيينا (1815) – وتمادت في هذا الإهمال لاحقا بالإتفاق مع السلطنة العثمانية، أوجدت كيانات سياسية جديدة منافية للحقائق الإجتماعية والتاريخية بما فيها من حقائق قومية، وولدت بذلك مشكلات سياسية عند الشعوب المغلوبة، وخصوصا عند الشعوب الضعيفة في واقعها الديموغرافي والجغرافي. وبذلك أضافت القوى الوطنية المهيمنة في نهاية القرن التاسع عشر سببا إضافيا لتفجر النزاعات والحروب، وللتأسيس لوقوع الحرب العالمية الأولى.

مسار الارمن في الحياة السياسية اللبنانية

بلغاريا البرلمان

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

تقرير طلعت باشا حول الإبادة الجماعية الأرمنية

أرشيف