مفتاح المفاوضات التركية الأوروبية…قبرص

كيرستي هيوز محللة بي بي سي للشؤون الاوروبية ( 22 آذار 2006) – بي بي سي: لم تكد تبدأ مفاوضات الاتحاد الأوروبي مع تركيا حتى برزت مخاوف في بروكسيل ولندن من انهيارها بظرف اشهر. لم يظن أحد أن المفاوضات ستكون سهلة، لكن ما الذي يقف وراء مخاوف بهذا الحجم من انهيارها السريع؟ الجواب على هذا السؤال هو ببساطة: قبرص. فمن المحتمل أن يخفق الاتحاد الأوروبي في محاولاته البحث عن التوازن في المفاوضات الحساسة بين تركيا وجمهورية قبرص التي يهيمن عليها القبارصة اليونانيون في عدد من النقاط. انضمت قبرص إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004، على الرغم من أن الجزيرة كانت لا تزال مقسمة، وأن “الخط الأخضر” فيها خاضع لمراقبة جنود الأمم المتحدة وأن قوانين الاتحاد لم تسر على شمال قبرص التركي. وقد وافق الاتحاد الأوروبي في شهر تشرين الأول / أكتوبر من العام الماضي بدء المفاوضات لانضمام تركيا إليه، مع أن أنقرة لا تزال ترفض الاعتراف بجمهورية قبرص، ولم تسحب جنودها من شمال قبرص. حتى الآن، لا مفاوضات سلام حول قبرص. فمنذ أن صوت القبارصة الأتراك لصالح خطة سلام للأمم المتحدة وصوت القبارصة اليونانيون ضدها عام 2004، أبدت الأمم المتحدة ترددا في خوض العملية التفاوضية مجددا. تقدم لصالح تركيا؟ غير أنه بالرغم من جمود أزمة قبرص في مكانها، تسجل مفاوضات تركيا للانضمام إلى الاتحاد تقدما. وستبدأ المفاوضات خلال أسابيع حول الموضوعين الأولين: الأبحاث، والتعليم. ولوحظت أجواء إيجابية لدى الدبلوماسيين الأوروبيين على الرغم من بعض التحفظات حول حرية التعبير والحرية الدينية. غير أن الأجواء الإيجابية قد لا تدوم حتى هذا الخريف. فالأزمة التركية القبرصية تراوح مكانها بسبب عثرة أساسية: هل تعترف تركيا بجمهورية قبرص دون أن يتخذ القبارصة اليونانيون خطوات لإنهاء عزلة شمال قبرص ومعاودة محادثات السلام؟ بروتوكول أنقرة وقد وقعت تركيا في شهر تموز / يوليو الماضي على ما يعرف ببروتوكول أنقرة الذي يجعل اتفاقيتها حول اتحاد الجمارك ساريا على دول الاتحاد العشر الجديدة، بما فيها قبرص. غير أنها أصرت في الوقت نفسه على أن الاتفاق ليس بمثابة اعتراف بقبرص، وأنه يمنع البواخر والطائرات القبرصية اليونانية من دخول موانئها ومطاراتها. وسوف تفشل تركيا في مراجعة تقام حول مدى التزامها باتحاد الجمارك وعلاقاتها الثنائية مع دول الاتحاد الأخرى إذا لم تقم بفتح موانئها. وقد وافق الاتحاد الأوروبي على المراجعة في شهر سبتمبر / أيلول الماضي بعد ضغط من فرنسا وقبرص. غير أن حتى بريطانيا وهي بين أبرز مؤيدي محاولات تركيا للانضمام للاتحاد تعتبر أن على تركيا التراجع في موضوع الموانئ من أجل نجاحها في المراجعة. تردد تركي لكن السفير التركي في الاتحاد الأوروبي فولكان بوزكير لا يبدي استعدادا للموافقة على ذلك. ويرى السفير أن الموضوع سياسي وليس مجرد مسألة تطبيق بنود اتحاد الجمارك. وقال بوزكير: “سيكون من الصعب المضي قدما بأي مجال إن لم تتغير الظروف السياسية.” مطالبة بتعليق المفاوضات؟ غير أن ممثل قبرص الدائم لدى الاتحاد الأوروبي نيكوس إميليو يرى أن اتفاق الجمارك يلزم تركيا بفتح موانئها. ويعتبر أيضا أن مطالبتها بتنازلات هو بمثابة “محاولة للحصول على شيء ما مقابل لا شيء.” ويحتمل أن تطالب قبرص برد قوي على التقرير حول مدى التزام تركيا الذي يتوقع صدوره بعد أشهر، وقد تصل حتى إلى المطالبة بتعليق عام للمفاوضات، مع أن ذلك يتطلب موافقة دول الاتحاد الـ15 بالإجماع. ويقول إميليو: “إذا لم يتغير الوضع تكون تركيا قد ارتكبت مخالفة خطيرة جدا للالتزامات التي تعهدت بها…” ويضيف قائلا إن “التقدم العام للمفاوضات مع تركيا ستتأثر” إذا لم تفتح الموانئ، معتبرا أن ذلك يتطلب “مباحثات سياسية جادة جدا ربما على أعلى مستوى.” ويختم إميليو معتبرا أنه “لا يمكن أن نتخيل أنفسنا وعدد كبير من الدول الأعضاء نتطرق إلى …تحرك البضائع بحرية إذا لم تلتزم تركيا بالتزاماتها وفقا للبروتوكول.” وقد تراوح المفاوضات مكانها في حال التعثر عند كثير من النقاط. رغبة بالنجاح بالنسبة لمعظم الدبلوماسيين الأوروبيين، من غير المرغوب أن تنهار المباحثات مع تركيا تاركة أية مرارة بين الطرفين. يفضل هؤلاء أن تقبل تركيا بفتح موانئها للبواخر القبرصية اليونانية لكنهم يريدون أيضا تقدما فيما يختص بالأزمة القبرصية. غير أن قبرص تتمتع الآن، بعد انضمامها للاتحاد الأوروبي، بقوة تفاوضية أكبر بكثير تجاه تركيا، كما قل تأثير دول الاتحاد الأخرى بسياسة قبرص. ويتخوف بعض الدبلوماسيين من أن الاستراتيجية القبرصية قد ترتكز إلى محاولة تحويل نزاعها مع تركيا إلى نزاع بين تركيا وأوروبا، ما يبعده عن دائرة الأمم المتحدة، التي تدعم التوصل إلى تسوية ما. في غضون ذلك يبحث الدبلوماسيون عن خطوات محتملة حيال شمال قبرص قد تشجع تركيا على فتح موانئها. وقد وافق الاتحاد الأوروبي أخيرا في الشهر الماضي على تقديم مساعدات بقيمة 139 مليون يورو لشمال قبرص، الأمر الذي عارضته قبرص. لكن القبارصة الأتراك وتركيا يطالبون بأكثر من ذلك: يريدون السماح لشمال قبرص بالتجارة مباشرة مع الاتحاد الأوروبي، ما يعتبره القبارصة اليونانيون بمثابة الاعتراف بسيادة الشمال. إذا، عودة إلى نقطة الصفر. الضغط على جمهورية قبرص؟ في هذه الأثناء يتساءل البعض ببعض الصمت ما إذا كان التهديد بالاعتراف الرسمي بالشمال قد يجبر قبرص على العودة إلى طاولة المفاوضات. ويأمل آخرون بألا تصل الأمور بجمهورية قبرص إلى دفع الأمور إلى الحافة هذا الخريف، بسبب البحث عن مصلحتها الذاتية فحسب. فإذا توقفت المفاوضات، تنتهي حكما القوة التفاوضية لقبرص على تركيا. للعثور على الطريق قدما يجب أن يسيطر التفكير الهادئ لدى جميع أطراف المفاوضات. يشار إلى أن تركيا هي الدولة الوحيدة التي تعترف بـ”جمهورية شمال قبرص التركية” التي أعلنت من جانب واحد عام 1983 بعد تسعة أعوام من الاجتياح التركي لشمال الجزيرة الذي جاء اثر انقلاب قام به القوميون القبارصة اليونانيون بإيعاز من أثينا بهدف إلحاق الجزيرة باليونان.

بلجيكا-البرلمان

الأرمن.. التاريخ الصامت

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

تقرير طلعت باشا حول الإبادة الجماعية الأرمنية

أرشيف