ناغورني قره باغ: عقدة الدبلوماسية التركية

السفير 23 ايار/مايو 2009 محمد نور الدين هل انتهى الأمل في إحراز تقدم في العلاقات التركية الارمنية؟ ربما لا يكون السؤال مبكرا، لأن إشارات التفاؤل التي ظهرت خلال الأسابيع القليلة الماضية تبدو خارج السياق، والأفرقاء المعنيون كأنهم في استراحة محارب قد تطول. فبعد سلسلة من التصريحات واللقاءات بين المسؤولين الأتراك والأرمن بدا أن كوة من النور بزغت من اجل فتح الحدود وتبادل التمثيل الدبلوماسي بين أنقرة ويريفان. وقوي الأمل بعدما تخلى الرئيس الأميركي باراك اوباما عن وعده للأرمن باعتبار أحداث العام 1915 «إبادة». وفسر ذلك على انه مؤشر على وجود جهود جدية من اجل التقدم في حل المسألة الارمنية. لكن المسألة الارمنية لا تقتصر على بعديها التركي والارمني، فهناك البعد الاذري منها، واحتلال أرمينيا لإقليم ناغورني قره باغ. وبما أن شعار «شعب واحد في دولتين» هو السائد في تركيا وأذربيجان فقد ظهر واضحا أن أنقرة تحديدا غير قادرة على تجاوز هذا الشعار، حتى لو كان عندها النية لذلك. ويبدو أن حكومة حزب العدالة والتنمية نفسها غير مستعدة للتضحية في المسألة الارمنية تماما، كما لم تكن مستعدة لتقديم تنازلات في المسألة الكردية الداخلية، حتى لا يجيرها القوميون المتشددون لصالحهم، ويخسر الحزب المزيد من شعبيته في الداخل. وفي ذروة الأمل ذهب رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان إلى باكو ليلتقي بنظيره الاذري الهام علييف في زيارة وصفت بغسيل القلوب، بعدما اتهمت باكو أنقرة بالتفريط بالحقوق القومية للأذريين في ناغورني قره باغ. وخرج اردوغان من هذه الزيارة بموقف أطاح بكل المساعي والتوقعات عندما حسم الأمر، وقال إنه لا فتح للحدود ولا علاقات دبلوماسية مع يريفان قبل أن تنسحب القوات الارمنية من قره باغ. وما إدراك ما قره باغ بالنسبة للأرمن! إذا كان اردوغان جديا في هذا الموقف فهذا يعني أن الحل في القوقاز في طريقه ليسابق الحل في قبرص لجهة أن أفضل الحلول هو «اللاحل». مسؤول في الوفد التركي في المفاوضات مع أرمينيا يقول لصحيفة «ميللييت» إن موقف اردوغان لا يقفل باب الحل، فالمقصود والمطلوب في هذه المرحلة هو انسحاب القوات الارمنية على الأقل من المناطق الاذرية التي لا تقع ضمن قره باغ، أما مصير قره باغ فيترك تحديده إلى محادثات لاحقة. إذا كان القصد فعلا هذا فسيكون شبيها بمسيرة العلاقات بين تركيا واليونان، اللتين أدركتا أن انتظار حسم الوضع في بحر ايجه قبل الشروع بخطوات أخرى سيعني عدم التقدم في أي خطوة. لذلك خلقت الدولتان، عبر اللقاءات الثنائية المتواصلة، مناخات من الثقة والصداقة، ساعدت على تأمين استقرار مهم في علاقاتهما الثنائية، من دون أن تحل بعد قضايا الخلاف في حوض ايجه. مثل هذه المقارنة التي رسمها المسؤول التركي تخفّض التوقعات، وإن لم تعد الأمور إلى نقطة الصفر، لتبقى المسألة الارمنية الوحيدة تقريبا التي لم تنجح بعد الدبلوماسية التركية في إحداث اختراق أساسي فيها.

القادة العرب يهنئون ارمينيا بذكرى استقلالها

القضية الأرمنية فى المصادر العربية 1878 – 1923

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

تقرير طلعت باشا حول الإبادة الجماعية الأرمنية

أرشيف