محمد نور الدين جريدة السفير -لبنان 14 حزيران/يونيو 2012 بعد اللقاء الذي جمع الأسبوع الماضي رئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان وزعيم «حزب الشعب الجمهوري» المعارض كمال كيليتشدار اوغلو لمناقشة سبل إيجاد حل للمشكلة الكردية، ظهرت إشارات متناقضة حول نية الحكومة مواجهة هذه القضية. ومن أبرز هذه الإشارات، إعلان رئيس الحكومة أن النظام التعليمي الجديد الذي قسّم المراحل التعليمية إلى ثلاث، كل منها أربع سنوات، سيتضمن تعلّم اللغة الكردية كدرس اختياري بدءاً من السنة الخامسة أي الصف الأول المتوسط. وقال أردوغان ان ذلك سيتحقق في حال وجود عدد كاف من الطلاب الذين يريدون تعلم اللغة الكردية أو أي لغة أخرى لمواطنين أتراك من أصول غير تركية. وتأتي خطوة الحكومة هذه في خضم محاولات لتفكيك الجبهة الكردية في تركيا، وإبعاد القاعدة الكردية عن «حزب العمال الكردستاني»، حيث تمارس الحكومة ما يشبه العزل السياسي على زعيمه عبد الله أوجلان في معتقله في جزيرة ايمرالي في بحر مرمرة. وإذ اعتبر أردوغان هذه الخطوة «تاريخية»، فقد كانت ردة فعل «حزب السلام والديموقراطية» على هذه الخطوة حادة جداً. الرئيسة الثانية للحزب غولتين قيشاناق اعتبرت ان أردوغان يرتكب جريمة. وقالت ان «اعتبار اللغة الأم لأي شخص لغة اختيارية هو ظلم كبير. إذا أراد رئيس الحكومة ان يتعلم الكردية كلغة اختيارية يمكنه ذلك. لذا فإن حزب العدالة والتنمية يرتكب جرما ولن نكون شركاءه في هذا الجرم». وقالت قيشاناق إن «أردوغان يستخدم مصطلح (المواطنين من أصل كردي)، فهل يمكن ان أستخدم مصطلح (رئيس الحكومة من أصل تركي)؟». ووصفت قيشاناق اقتراح تعلم الكردية كدرس اختياري بأنه «صهر» للأكراد ولا ضرورة للمتاجرة بذلك، معتبراً أن التعامل مع موضوع حساس كهذا بهذه الطريقة «لا ينبع من ذهنية ديموقراطية بل من ذهنية فاشية». ورفض النائبان الكرديان عن حزب السلام والديموقراطية سري ثريا اوندير وحسيب قبلان الاقتراح وقالا ان المطلوب ليس تدريس الكردية كلغة اختيارية بل التعلم باللغة الكردية. وتذكّر خطوة الحكومة التركية حول تدريس اللغة الكردية كدرس اختياري بمجموعة من الخطوات التي بدأت منذ أيام الرئيس الراحل طورغوت اوزال، والتي لامست قشور المسألة الكردية من دون الدخول إلى جوهر المطالب الكردية، فعلى مدى السنوات العشرين الماضية، ألغي الحظر على الأشرطة الصوتية والصحف والكتب باللغة الكردية، ومن ثم أنشئت محطة باللغة الكردية تابعة للدولة، كما أنشئت أقسام للغة الكردية في بعض الجامعات. لكنها خطوات اعتبرها الأكراد محدودة وقاصرة عن الإحاطة بالمطالب الكردية. ويطالب الأكراد بأن يرخّص لقنوات تلفزيونية وإذاعية باللغة الكردية غير تابعة للدولة، وإلغاء القانون الذي يمنع استخدام أحرف غير تركية في المعاملات الرسمية، لكن الأهم ان تكون اللغة الكردية لغة للتدريس في المناطق الكردية إضافة إلى اللغة التركية، وليس فقط لغة يتعلمها الطلاب في المدارس وفي الجامعات. وهذا المطلب يعتبره الأكراد حجر الزاوية في الطريق إلى تحقيق هويتهم الثقافية. وإليه يطالب الأكراد، وهو المطلب السياسي المركزي، بمنحهم الحكم الذاتي وتغيير النظام الإداري لمنع تسلط أنقرة على الأطراف. كما يطالب الأكراد بوضع ضمانات في الدستور الذي يجري إعداده تعترف بالهوية الكردية واعتبار تركيا مكوّنة من أمتين: التركية والكردية. وهو ما يرفضه حزب العدالة والتنمية كما سائر الأحزاب التركية الأخرى ومن بينها «حزب الشعب الجمهوري» و«حزب الحركة القومية». خطوة إدراج اللغة الكردية كدرس اختياري بدءا من الصف الخامس ترافق مع إصدار محكمة ديار بكر حكما بسجن النائبة الكردية الحالية آيسيل توغلوق خمسة عشر عاما موزعة بين تهمة القيام بدعاية لحزب العمال الكردي «الإرهابي» وفقا للمادة السابعة من قانون مكافحة الإرهاب وعقوبتها السجن ثماني سنوات، وتهمة التحدث باسم «المنظمة الإرهابية» بالرغم من أنها ليست عضوا فيها، وعقوبتها السجن سبع سنوات وفقا لقانون العقوبات الجزائية. ولم تحضر النائبة توغلوق المحاكمة وناب عنها محاميها.