( 24 نيسان 2006)-لبنان:أحيا الأرمن اليوم في جميع دول العالم الذكرى ال91 للإبادة الجماعية الارمنية التي اقترفهاالأتراك عام 1915 وذهب ضحيتها مليون ونصف مليون شهيد ارمني. وفي لبنان نظمت الهيئة المركزية لإحياء ذكرى الإبادة الارمنية مسيرة شعبية وتجمع شعبي حاشد شارفيهما حوالي خمسين ألف ارمني. بدأ التجمع في بطريركية الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا في انطلياس، حيث ترأس الكاثوليكوس آراالأول قداساً على أرواح الشهداء وتم وضع أكاليل الزهر على ضريح الشهداء في باحة البطريركية. المسيرة الشعبية الحاشدة انطلقت من البطريركية باتجاه ملعب بلدية برج حمود، وسلكت الاوتوستراد مروراً من فوق جسر نهر الموت حتى ملعب برج حمود حيث أقيم مهرجان خطابي حضره ممثلو الرؤساء الثلاث رئيس مطران طائفة الأرمن الأرثوذكس في لبنان كيغام خاجريان، رئيس اتحاد الكنائس الارمنية الإنجيلية في الشرق الأدنى القس صوغومون كيلاغبيان، ممثل النائب البطريركي لطائفة الأرمن الكاثوليك الأب جورج اسادوريان، السفير الأرميني في لبنان واهان دير غيفونتيان ممثل البطريرك الماروني نصر الله صفير المونسنيور سمير نصار،وممثلو عدد من الطوائف في لبنان، وزراء ونواب ورؤساء واعضاء المجالس البلدية،ومخاتير، وممثلون عن هيئات وجمعيات اجتماعية ورياضية واقتصادية وثقافية وخيرية، وحشد كبير من أبناء الطائفة الارمنية قدر بحوالي الخمسين ألف شخص. بعد كلمات الافتتاح باللغتين الارمنية والعربية، القى اليكسان كوشكيريان كلمة الهيئة المركزية لإحياءذكرى الإبادة الارمنية، وجاء فيها: بعد مرور 91 سنة على الإبادة الأولى في القرن العشرين، يحيي الشعب الارمني أينما وجد ذكرى شهدائه الأبرار، عسى أن تتذكر الإنسانية جمعاء بان هناك جريمة إبادة ما زالت باقية دون حساب ولا عقاب، كما أن عدم الإقرار بهذه الإبادة وعدم إدانتها ومعاقبتها إنما يساهم في فتح الباب أمام جرائم إنسانية أخرى في المستقبل. إن القضية الارمنية قضية تهدف إلى نصرةالعدالة.هي قضية البشرية جمعاء. إنها قضية الكرامةالإنسانية. وتركيا اليوم مطالبة بالتصالح مع ماضيها والاعتراف بمسؤوليتها بالجريمة والتعويض على الشعب الارمني معنوياً ومادياً وإعادة الحق والأرض إلى أصحابها. والشعب الارمني يثمّن غالياً كل المواقف المتضامنة معه في قضيته وكل المساعي الهادفةإلى إحقاق الحق وتأمين الاعتراف التركي بالإبادة الارمنية.وقد تم تحقيق انجازات هامة على هذاالصعيد ولا سيما داخل المجتمع الدولي.إن النضال من اجل القضية يتحرك ويتقدم باستمرار والاعتراف الدولي يكبر يوما بعد يوم وتركيا تضطر إلى إعادة النظر في تاريخها الأسود، كما أن الاعترافات الدولية الجديدة ومنها الشروط التي يضعها الاتحاد الأوروبي على تركيا للانضمام إليه، تعطي زخما إضافيا وقوة استمرار اكبر. إن الدرب طويلةوشاقة لكننا مستمرون في نضالنا حتى إحقاق الحق. ثم ألقى الوزير السابق الان طابوريان كلمة، مما جاء فيها: إن انتشار الأرمن في لبنان والعالم إنما هو دليل حيّ ومتماد على حصول الإبادة الجماعية بحقهم،ونتيجة لأفظع مجزرة شهدها التاريخ، وسكت عنها العالم المتحضر، لتصبح عارا” على جبين الإنسانية. ولا نبالغ إن قلنا إنّ الإبادة مستمرّة من خلال تمادي الحكومة التركية في رفض الاعتراف بالإبادة. إنّ اعتراف تركيا بالإبادة الجماعية والاعتذار عنها والتعويض عن الخسائر البشرية والماديّة التي لحقت بالشعب الأرمني وإعادة الأراضي المغتصبة لأصحابها الشرعييّن شروط لازمة لإجراء أي مصالحة بين الشعب الأرمني وتركيا. إن القضية الأرمنية هي في الأساس قضية سياسية وقضية الحقوق المشروعة التي اغتصبت ولا تزال تغتصب. والسلام لن يتحقّق ولن يدوم دون العدالة وإحقاق الحقّ. إن حل القضية الأرمنية وحل قضايا كل الشعوب المظلومة يرتدي أهميّة عالمية. فالأمن والسلام العالميّان والاستقرار والتعايش والإخاء بين الشعوب لا سبيل إلى تحقيقها دون إيجاد حلول عادلة لقضايا الشعوب المضطّهدة المحبّة للحّرية والسلام. حتى تركيا، وربما تركيا بشكل خاص، سوف تستفيد من العدالة التي يحصل عليها الأرمن وفقا” لروح ميثاق الأمم المتحدّة ومقرّراته. إن الجريمة تستمر والعدوان على الشعب الأرمني لم ينته فصولا” بعد، وإنّ التمييز العنصري لا يزال يجد له موطئا” في تركيا حيث يتواصل تدمير المعالم الحضارية والإرث الثقافي الأرمني في المناطق التي سكنها الأرمن في أرمينيا التاريخية، وكان آخرها انتهاك المقابر الأرمنية والصلبان الحجريّة في ناخيتشفان على يد الآذريين الأتراك، في محاولة لمحو أي اثر على الوجود الأرمني التاريخي في تلك المنطقة. إن الصراع التركي – الأرمنيّ ليس صراعا” دينيا”، بل هو قوميّ واثني. بل أكثر من ذلك، إنه قضية سياسية. الجريمة تستمّر، ويستمرّ معها احتلال الأراضي الأرمنية وانتهاك معالمها التاريخّية ومحاولات تزوير التاريخ. ولأن المساعي في متابعة القضيّة الأرمنية اكتسبت زخما” جديدا” في السنوات الأخيرة،لم تتردّد الحكومة التركية في اللجوء إلى الإرهاب الحكوميّ مصرّحة هدفها في إسكات الأصوات الناشطة المرفوعة باسم العدالة وتجاوز حكومات العالم التي اعترفت بالإبادة الأرمنية. إننا إذ نعرب عن تقديرنا للعديد من حكومات العالم وعلى رأسها البرلمان اللبناني الذي اعترف بالإبادةالأرمنية، نطالب البرلمان الأوروبي باحترام قراره المتخذ في 18 حزيران 1987 وبالضغط على تركيالاتخاذ مبادرة الاعتراف ولإلزامها بتطبيق مبادئ الإتحاد المتعلقة باحترام حقوق الإنسان والأقليات،كشرط أساسي للموافقة على دخولها نادي الإتحاد. ونذكر بأنه في 18 حزيران 1987 أقرّ البرلمان الأوروبيّ بالحقيقة التاريخية للمجازر الأرمنية، واشترط لانتساب الدولة التركية الى السوق الأوروبيّةالمشتركة اعتراف هذه الأخيرة بالمجازر الأرمنية. نغتنم هذه المناسبة لنحييّ موقف الدولة اللبنانية والبرلمان اللبناني في اعترافه بإلابادة الأرمنية الجماعيةونناشد الحكومة اللبنانية لدعم حقوق الشعب الأرمنيّ والقضيّة الأرمنية من خلال علاقاتها مع مختلف الدول، كونها قضية حقّ من جهة وكون اللبنانيين من أصل ارمنيّ يؤلفون طائفة هي إحدى الطوائف السبع الكبرى في لبنان من جهة ثانية. إن قضيتنا لن تموت وستنتصر، لأننا شعب لا يموت. لأن إيماننا بعدالة قضيتنا أقوى من جميع المحاولات التركية، والسلام لا يتحقق ولا يمكن الحفاظ عليه من دون العدالة. لأننا شعب لا ينسى تاريخه ولا تراثه ولا حضارته، كما إننا شعب لا ينسى صداقاته ولا خصوماته ولا مواقف الآخرين منه. وإن استمرار الأوضاع الحالية يخلق استياء”قويا” بين الملايين من الأرمن سواء”أكانوا يعانون عواقب الإبادة الأرمنية او نتائج الحصار المفروض على الدولة الأرمنية من قبل الحكومة التركية، في محاولةلإخضاع آخر بقعة للوجود الأرمني الحرّ. إضافة إلى الإستياء لدى الشعوب المحبّة للسلام والعاملة من أجل بناء عالم أفضل.وفضلاً عن ذلك، يزداد تصميمنا على مواصلة النضال السياسي حتى استرجاع حقوقنا المسلوبة وإحقاق الحقّ ونصرةالعدالة، لأن الحق الذي وراءه شعب مطالب سينتصر حتما”. كلمة الختام ألقاها مرخص طائفة الأرمن الأرثوذكس في لبنان المطران كيغام خاجريان الذي قال: نجتمع اليوم مرة أخرى في هذه المناسبة لنقول لشهدائنا المليون ونصف المليون الأبرار بأننا لا نزال على العهد باقون وعلى الوعد مصممون. نجتمع اليوم لنقول للأجيال التي سبقتنا بأننا مستمرون في مواصلةالطريق، وما هي هذه المسيرة سوى وقفة عز وإجلال وتكريم للشهداءالذين سقطوا دفاعاًعن أرضهم وشرفهم وحضارتهم.أضاف: انتم أيها الأبطال شباب اليوم تقفون هنا على ارض لبنان المباركة،ارض الحرية والكرامة. ترفعون الصوت عاليا مطالبين المجتمع الدولي بمحاسبة مرتكبي المجازر بحق أجدادكم وشعبكم. تصرخون قائلين بأنكم لن تنسوا قضيتكم الوطنية ولا بد من يقظة ضمير عالمية تعيد حقكم كاملاً. ووقوفكم اليوم هنا على ارض لبنان الحر المستقل هو فرصة للتعبير عن الشكر والامتنان والعرفان بالجميل لكل الشعوب والدول الذين سعوا لتخفيف الآم الشعب الارمني أو الذين بذلوا جهدا لمنع حصول المزيد من الجرائم أثناء المجازر والتهجير ومن بعدها بمساعدة الناجين وضمد جراحهم ومواصلة حياتهم بشرف وكرامة. على قائمة هذه الشعوب يأتي الشعب اللبناني بامتياز، هذا الشعب الأصيل، المضياف والنبيل الذي شاطر رغيفه وأرضه مع الشعب الارمني وتلك المعاملة الطيبة والكريمة ستبقى محفورة في ذاكرة الأرمن كما المجازر التي بقيت محفورة في فكر كل ارمني ولا يمكن للسنين أن تزيل صورة المجازر البشعة التي طبعت وترسّخت في عقل كل ارمني أينما كان وأينما وجد. المسيرة متواصلة وقضية الإبادة الارمنية تتقدم إلى الأمام وسنة بعد سنة تتزايد عدد البلدان التي تعترف وتدين وتطالب بمحاسبة المسؤولين عن الإبادة الارمنية. وهنا نذكر دور لبنان في تحقيق العدالة تجاه المجازرالارمنية بتاريخ 9أيار 2000 غداةالاعتراف البرلمان اللبناني بالإجماع وإدانته بشدة الإبادة الارمنية ومطالبته بمحاسبة مرتكبيها كي لا تتكرر فظائع مثيلة بحق الشعوب.