صحيفة”البناء”-لبنان 23 كانون الاول/ديسمبر 2011 ترى تقديرات غربية أن السياسة الخارجية التركية باتت تواجه الكثير من الصعوبات بفعل الأزمات مع دول الجوار، كسورية وإيران والعراق الى جانب خلافاتها الظاهرية مع كيان العدو “الاسرائيلي”، كما تشكل اثارة موضوع المجازر الارمنية في فرنسا وفشل الخارجية التركية في التوصل الى حل يبعد عن بلاد اتاتورك الادانة بفعل هذه المجازر وصولاً الى اقرار قانون يجرمها يشير الى مزيد من التصدع. الامر الذي تعتبره المعارضة التركية يستوجب تغيير الخطاب الحالي للبلد، كي تتخلص من مشكلاتها، وقد يصل هذا التغيير الى استعادة دور الجيش. برغم سياسة انعدام المشاكل، التي تنتهجها تركيا في رؤاها الخارجية، وهو ما يمكن تلمسّه من خلال تصريحات وزير الخارجية، إلا أنه في الوقت الذي تواجه فيه الدولة، التي تقطنها غالبية مسلمة، أزمات متصاعدة عدة مع سورية وإيران والعراق، فيما بدأ قادة المعارضة التركية يتحدثون عن أن هذا الخطاب لم يعد يلائم الواقع الحالي. وتحدث فايق أوزتراك، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي، عن فشل هذه السياسة معتبراً أن “الحكومة كانت تدّعي انتهاج سياسة تضمن عدم دخولها في مشاكل مع دول الجوار، والآن لدينا كل أنواع المشاكل مع جيراننا كافة”. وفي هذا الصدد، فان حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، قامت خلال الأشهر الأخيرة باتخاذ دور بارز في الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد كي يتنحّى، وفرض عقوبات على سورية، واستضافة اللاجئين وقادة المعارضة. كما وافقت الحكومة على استضافة منشآت رادار للدفاع الصاروخي، تابعة لحلف شمال الأطلسي، بهدف «حماية» القارة الأوروبية من الصواريخ الإيرانية، وهو ما جعل إيران تهدد، في المقابل، بضرب المواقع التركية، إذا قامت الولايات المتحدة أو “إسرائيل” بمهاجمة برنامجها النووي. وشنّت الحكومة التركية أيضاً هجمات جوية على الملاذات الآمنة للمتمردين الأكراد في شمال العراق، رداً على الهجمات «الإرهابية»، التي سبق وأن شنَّها حزب العمال الكردستاني، ما أدى إلى إشعال توترات على الحدود التركية – العراقية. وقامت كذلك بطرد السفير “الإسرائيلي”، بعد رفض رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو الاعتذار بسبب الغارة التي استهدفت قافلة إغاثة، كانت في طريقها إلى غزة عام 2010، وهي الواقعة التي أسفرت عن مقتل تسعة مواطنين أتراك. وبالتالي فإن كل تلك الصراعات، التي دخلتها تركيا أخيرًا، جاءت لتشكل تحوّلاً في طبيعة علاقاتها مع كثير من دول الجوار. وقال من جانبه عضو البرلمان التركي فاروق لوغوغلو، من حزب الشعب الجمهوري، الذي سبق له العمل كسفير لبلاده لدى الولايات المتحدة من 2001 حتى 2005، إن سياسة بلاده الخارجية قد باءت بالفشل، مضيفاً أن وزير الخارجية، أحمد داوود أوغلو، لا يستطيع أن يشير إلى إنجاز واحد تم تحقيقه. وقد وجّه لوغوغلو بشكل خاص سيلاً من الانتقادات اللاذعة إلى حكومة أردوغان بشأن السياسة التي تنتهجها مع سورية. وتابع انهم “متفقون مع أهداف الحكومة، لا مع الطريقة. فالعقوبات، التي تم فرضها على البلاد، لم تعمل إلا على إلحاق الضرر بالمواطنين السوريين والشركات التركية”. وأكد لوغوغلو كذلك أن دعم حكومة بلاده المطلق للمعارضة السورية، بما في ذلك منح قادتها حق اللجوء، قد حكم على سورية بالدخول في حرب أهلية طويلة الأمد، ومشيراً الى ان هذا ليس من مصلحة تركيا واقتصادها وحدودها. وقد ردّ أوغلو على الانتقادات التي وُجِّهَت إلى الحكومة التركية بشأن طريقة تعاطيها مع الأزمة السورية بقوله إنه ما زال ملتزماً شعار “انعدام المشكلات” في السياسات الخارجية. في حين قالت آيز غولسون، عضوة في البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري، إن مشكلة القادة الأتراك هي أنهم دائماً ما يغيّرون فكرهم. وأضافت: “يوماً ما تجدهم مع إيران، وفي اليوم التالي، تجدهم يغيرون فكرهم، ويقررون استضافة رادارات لحلف الناتو. ويوماً ما، كانت تربطنا علاقات جيدة للغاية بسورية، وفي اليوم التالي، تجدهم يلغون كل العلاقات”. وختمت غولسون حديثها بالقول: “كان النهج الدبلوماسي التقليدي لتركيا هو إيجاد توازن بين «إسرائيل» والعالم العربي. لكن الأمور قد تغيّرت الآن، ونحن لا نعلم من جهتنا ما قد يتمخض عن ذلك من نتائج”.