(18 حزيران/يونيو 2009 – يريفان – سانا ) : أجرى السيد الرئيس بشار الأسد في العاصمة الأرمينية يريفان أمس الأربعاء مباحثات مع السيد سيرج ساركسيان رئيس جمهورية أرمينيا بحضور أعضاء الوفدين. وفي مؤتمر صحفي مشترك عقب المباحثات عبر الرئيس الأسد عن سعادته بزيارة أرمينيا البلد الصديق ولقائه الرئيس ساركسيان مشيراً إلى أن هذه الزيارة هي الأولى لرئيس سوري إلى جمهورية أرمينيا بعد استقلالها وأن العلاقات بين البلدين لا يمكن أن تقاس بالجانب الرسمي وإنما يجب أن تقاس بجانبها التاريخي والشعبي والثقافي والعاطفي. وأضاف الرئيس الأسد أن الشعبين مرا في مراحل تاريخية صعبة في القرون الماضية أدت لأن يكون هناك التقاء بينهما وهذا الالتقاء كان حقيقياً يتجسد في السوريين من أصل أرميني الذين يعيشون في سورية مواطنين سوريين بامتياز منذ أن أتوا الى سورية واندمجوا بثقافاتها وبعاداتها وبشعبها من دون أن يتخلوا عن ثقافتهم الأم وعن تاريخهم أو قضاياهم وخلقوا نموذجاً خاصاً وفريداً في التماذج بين الثقافات في أي مكان في العالم وأضافوا للتنوع الثقافي الغني الموجود في سورية المزيد من الغنى. الرئيس الأسد: مرتاحون للخطوات التي تمت بشأن العلاقات التركية الأرمينية وقال الرئيس الأسد: إن القاعدة الصلبة للعلاقات بين البلدين موجودة مسبقاً وعلينا من خلال اجتماعنا اليوم والاجتماعات الرسمية التي ستأتي لاحقاً أن ننطلق بسرعة إلى الأمام في هذه العلاقات مشيراً إلى أن اللقاء مع الرئيس ساركسيان كان غنياً بالمواضيع وتطرقنا فيه لكثير من القضايا التي تهم منطقة الشرق الأوسط ومنطقة آسيا الوسطى والقوقاز وعبرنا عن ارتياحنا الكبير في سورية للخطوات التي تمت بشأن العلاقات التركية الأرمينية معرباً عن رغبة سورية في العمل من أجل دفع هذه العلاقات قدماً إلى الأمام وذلك انطلاقاً من العلاقة القوية التي تربط بين سورية وأرمينيا من جهة وبين سورية وتركيا من جهة أخرى. وأضاف الرئيس الأسد: استمعت أيضاً من الرئيس ساركسيان إلى رؤيته ووجهة نظره بالنسبة إلى موضوع كاراباخ الشائك معرباً عن أمله ألا يصبح مشكلة مزمنة لأن المشاكل المزمنة كما تعلمنا في الشرق الأوسط تصبح أكثر تعقيداً وأكثر استعصاء على الحل. وأوضح الرئيس الأسد.. أردت الاستماع لوجهة نظر الرئيس ساركسيان قبل زيارتي الأولى إلى اذربيجان التي ستتم في القريب العاجل لكي نرى كيف يمكن أن نساعد في حل هذه المشكلة إن كان هناك إمكانية لهذه المساعدة. لايوجد شريك إسرائيلي للسلام ولا نرى هذا الشريك في المستقبل القريب وأشار الرئيس الأسد إلى أنه شرح للرئيس ساركسيان أيضا رؤية سورية لقضايا الشرق الأوسط وبشكل خاص ما يتعلق بعملية السلام المشلولة والمتوقفة مؤكداً أنه لا يوجد الآن شريك إسرائيلي للسلام ولا نرى هذا الشريك في المستقبل القريب ولكن هذا لا يعني أن نتوقف عن الحديث أو العمل من أجل السلام وبالتالي عندما يكون هذا الشريك متوفراً وجاهزاً تكون خطة السلام جاهزة للتنفيذ مباشرة ونختصر الزمن لافتاً إلى أنه تم التطرق أيضاً للوضع الفلسطيني وخاصة المعاناة الإنسانية الكبيرة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي وغياب الخدمات الأساسية التي تؤدي إلى موت الأطفال والكبار بشكل مستمر ويومي. وشكر الرئيس الأسد الرئيس ساركسيان على توجيه الدعوة لزيارة أرمينيا متمنياً للحكومة والشعب الأرميني الصديق كل التقدم والازدهار. ورداً على سؤال للقناة التلفزيونية الثانية في أرمينيا حول انطباع الرئيس الأسد عن أرمينيا وعن الشعب الأرميني أوضح الرئيس الأسد أننا في سورية نعرف الكثير عن الشعب الأرميني ليس من خلال ما نقرؤه في الكتب وانما من خلال علاقاتنا اليومية مع تفاصيل هذا البلد عبر جزء من ثقافته الذي يعيش باندماج يومي مع ثقافتنا في سورية وهذه التفاصيل تتمثل في المواطن السوري من أصل أرميني الذي يعيش بتماس يومي مع القضايا السورية اليومية. الرئيس ساركسيان: هناك ضرورة كبيرة لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية من جانبه عبر الرئيس ساركسيان عن سروره باستقبال الرئيس الأسد والسيدة عقيلته مذكراً بما قاله الرئيس الراحل حافظ الأسد أثناء زيارته إلى أرمينيا بأن سورية هي الوطن الثاني للأرمن . وقال الرئيس ساركسيان : بعد أن حصلنا على الاستقلال تطورت العلاقات بين سورية وأرمينيا إلى مستوى نوعي جيد وبالطبع إن أحد الاتجاهات الرئيسية في سياسة أرمينيا الخارجية كانت تعزيز العلاقات مع الشرق الأوسط وتتعاون سورية وأرمينيا بصورة نشيطة بينهما على المستوى الثنائي وكذلك في إطار المنظمات الدولية وكذلك توجد ضرورة كبيرة لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بينهما . وأضاف الرئيس الأرميني.. رغم وجود بعض المسائل الصغيرة ولكن يجب علينا أن نقوم بالخطوات لحل المسائل الرئيسية الهامة لتعزيز العلاقات التجارية وسيساعد على ذلك منتدى رجال الأعمال الذي سيتم افتتاحه في يريفان غداً وهناك إمكانيات لإقامة التعاون في مجال المواصلات البرية أيضاً . وقال الرئيس ساركسيان: تم اليوم التوقيع على عدة وثائق تساعد على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين ولاسيما اتفاقية تشجيع الاستثمارات وحمايتها وأود الإشارة هنا إلى هذه الاتفاقية لأنها تعتبر من الاتفاقيات الهامة والرئيسية في مجال تطوير التعاون الاقتصادي . كما تتسم بالأهمية أيضاً الوثائق التي تم توقيعها في مجال التعاون في الشؤون الاجتماعية. وأوضح الرئيس الأرميني .. بالنسبة لمحادثات اليوم فقد ناقشنا مع فخامة الرئيس الأسد مسائل العلاقات بين البلدين بصورة مفصلة وكذلك المسائل التي تهم البلدين وخاصة في المجال الدولي والمسائل الإقليمية وأود الإشارة بارتياح إلى أنه يوجد تفاهم تام لدى الجانبين حول المسائل التي تمت مناقشتها واتفقنا على مواصلة اللقاءات والمناقشات على أرفع المستويات . وختم الرئيس ساركسيان بالقول.. أرحب مرة اخرى بزيارة الرئيس الأسد لأرمينيا واعتبرها زيارة تاريخية وفرصة مناسبة جداً . ورداً على سؤال قال الرئيس ساركسيان : إن الصداقة والاحترام المتبادلين القائمين بين شعبينا وبلدينا على المستوى الأعلى هي شهادة على أنه ليس في هذه المنطقة فقط بل على مستوى العالم أيضاً يمكن التعايش وممارسة الحوار الثنائي رغم الانتماء إلى معتقدات وأفكار سياسية مختلفة وصداقتنا مثال لجميع الشعوب بأنها قادرة على العيش مع بعضها البعض والسير على طريق التطور ويجب تطوير العلاقات والعيش في بيئة سلمية تساعد على تشجيع الاستثمارات والتعاون الاقتصادي وتحقيق التقدم. وكان الرئيس الأسد والسيدة عقيلته بدأا ظهر اليوم زيارة رسمية إلى جمهورية أرمينيا تستغرق يومين . وكان في استقبالهما في القصر الرئاسي في العاصمة يريفان رئيس جمهورية أرمينيا السيد سيرج ساركسيان والسيدة عقيلته . وجرت مراسم استقبال رسمية استهلت بعزف النشيدين الوطنيين للبلدين ثم استعراض حرس الشرف . ثم صافح الرئيس الأسد كبار مستقبليه السادة إدوارد نالبانديان وزير الخارجية و جيراسيم الافيرديان وزير الزراعة وسفير ارمينيا في دمشق وعدداً من المسؤولين الأرمينيين . كما صافح الرئيس ساركسيان الوفد السوري الرسمي المرافق للرئيس الأسد والذي يضم السادة وليد المعلم وزير الخارجية والدكتورة بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية والدكتور عامر حسني لطفي وزير الاقتصاد والتجارة وعبد الفتاح عمورة معاون وزير الخارجية و عبد الحميد سلوم وزير مفوض قائم بأعمال السفارة السورية في أرمينيا . الرئيس الأرميني والسيدة عقيلته يقيمان مأدبة عشاء رسمية للرئيس الأسد والسيدة عقيلته أقام الرئيس الأرميني السيد سيرج ساركسيان والسيدة عقيلته مأدبة عشاء رسمية في القصر الرئاسي في يريفان تكريما للسيد الرئيس بشار الأسد والسيدة عقيلته حضرها كبار المسؤولين الأرمينيين والوفد الرسمي المرافق. وألقى الرئيس الأسد كلمة خلال مأدبة العشاء أكد فيها أن هذه الزيارة ليست سوى خطوة على طريق ترسيخ وتعميق العلاقات بين البلدين .. وأنها امتداد لعلاقات تاريخية لا تنحصر فقط في مجال احتضان سورية لمواطنين من أصول أرمينية.. بل أن الشعب الأرميني أثبت أنه شعب عريق يتحلى بأسمى القيم الأخلاقية وهذا ما سهل اندماج أبنائه في جميع المجتمعات التي تواجدوا فيها حيث استحقوا شرف المواطنة في سورية وأصبحوا جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع السوري الذي يعتبر مثالا للتنوع والاندماج الحضاري. وأضاف سيادته .. ان هذا الاندماج الثقافي من دون ذوبان .. هو الرد على ما يروج من أفكار وايديولوجيات وممارسات عنصرية روجت لبروز بدايات لصراع الحضارات والثقافات والأديان والأمم .. الأمر الذي أدى إلى زعزعة الأمن والسلم العالميين في مناطق كثيرة من العالم .. ولاسيما في منطقتي الشرق الأوسط والقوقاز وآسيا. وأكد الرئيس الأسد أن هذه السياسات المنحازة وغير المسؤولة أدت إلى نشوب حروب وصراعات كان من غير المقبول أن تندلع بعد الكفاح الطويل الذي خاضته شعوب العالم لتعم مبادئ الحق والعدالة والمساواة وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها .. مشيرا سيادته إلى تجارب بعض الدول والشعوب مثل نضال الشعب العربي ضد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وبشكل خاص نضال الشعب السوري ضد استمرار احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان .. وكذلك تجربة الشعب الأرميني سواء في التمسك بحقوقه بروح من المسؤولية العالية .. أو بانصهاره واندماج أبنائه في مختلف دول العالم خير دليل على أن الحوار والتجانس والانسجام بين الثقافات والأديان هو إغناء لقيم الإنسانية جمعاء. وأشار الرئيس الأسد إلى أن سورية تتطلع أيضا للعمل سويا مع الأطراف الفاعلة والمعنية لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في منطقتي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. وأعرب عن ثقته بأن الإرادة الخالصة المبنية على احترام حق تقرير المصير وعلى احترام القرارات الدولية والقانون الدولي والإيمان المشترك بأهمية الحوار .. كافية لأن تكون أساسا لحل جميع الأزمات والصراعات في العالم .. مضيفا أن سورية ومن هذا المنطلق تشجع الخطوات الإيجابية التي شهدتها العلاقات التركية الأرمينية وأنها مستعدة لبذل أي جهد يسهم في تعزيز هذه العلاقات. وقال الرئيس الأسد إن العالم بدأ يسمع لغة جديدة تدعو إلى الحوار القائم على الاحترام المتبادل وهو أمر يبعث على الأمل إلا أن المنتظر هو أن يقترن القول بالعمل الجاد للوصول إلى حل عادل لقضايا منطقتي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والقوقاز. من جانبه أعرب الرئيس الأرميني في كلمته عن ارتياحه للمحادثات التي أجراها اليوم مع السيد الرئيس بشار الأسد ولتطور العلاقات السورية الأرمينية التي تمتد جذورها إلى عمق التاريخ وكذلك للتعاون ذي المنفعة المتبادلة بين الجانبين في المجالات كافة. ولفت إلى أنه بموازاة الحوار السياسي يتم القيام بخطوات ملحوظة باتجاه تنشيط العلاقات الاقتصادية .. مشيرا في هذا الصدد إلى أهمية الاتفاقيات والمذكرات التي تم توقيعها اليوم في تفعيل الاتصالات بين رجال الأعمال من كلا البلدين وتوسيع مقاييس التجارة الثنائية.