( 7 آب 2007 ) – واشنطن : غير تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991 الخارطة الجيوسياسية للشرق الاوسط . فخلال ستة اسابيع ، حصلت ست دول اسلامية في محازاة الجهة الجنوبية للاتحاد السوفياتي على الاستقلال. وهرعت اسرائيل وتركيا وايران ودول عربية مختلفة الى فتح سفارات في عواصم هذه الدول الممتدة من عشقاباد الى طشقند. وفيما قامت اسرائيل بتوطيد علاقات عمل جيدة مع الدول الحديثة الاستقلال ، تنبأ البعض بامكانية ازدهار علاقات اسرائيل بأذربيجان. واقام البلدان علاقات رسمية في نيسان 1992، اي بعد عام من اعلان اذربيجان استقلالها . ان فكرة التعاون الوثيق بين دولة يدين 93 % من سكانها بالاسلام مع الاستخبارات الاسرائيلية ، وتزويد المسؤولين الاسرائيليين بخطة دفاعية في منطقة متفجرة كهذه ، كان صعبا قبوله. واكثر من ذلك ، اصبحت القدس وباكو شريكتان استراتيجيتان تتقاسمان المعلومات وتطوران العلاقات التجارية وتؤسسان لتحالفات اقليمية . ورغم ان للشراكة الاسرائيلية والاذربيجانية دلالات اقليمية مهمة، الا ان الالتباس مايزال قائما حول مدى استمرار هذه العلاقات . تقارب في المصالح في حين ان العلاقات المشتركة لم تكن تحتل الاولوية ان بالنسبة لاسرائيل او لاذربيجان ، فان القدس وباكو عمدتا الى توسيع علاقاتهما استجابة للواقع الذي يقول بأن التنسيق السياسي هو افضل طريق لحماية امن بحر قزوين في مقابل التوسع الايراني . ان اسرائيل واذربيجان تواجهان تحديات تتعلق بشرعيتهما ان لم يكن بوجودهما. والاثنتان تتشاركان حس اختبار النار لنيلهما الاستقلال بعد حروب اقليمية مع دول مجاورة . وبينما تضطر اسرائيل الى مواجهة خمس جيوش عربية لنيل استقلالها ، وهي في حال حرب مع سوريا ولبنان والعراق ، فان اذربيجان لاتزال ومنذ عشر سنوات متورطة في نزاع عسكري مع ارمينيا حول ناغورني كاراباخ، حيث يحتل الجيش الارميني اراض اذربيجانية. طبعا هناك شائعات غير مؤكدة في الصحافة العربية والمجلات المؤيدة للسعودية ، توحي بأن تصدير السلاح الاسرائيلي الى اذربيجان سبق اعلان استقلالها . ان العقدة الامنية الناتجة عن الحرب والحصار ، حدا بالقدس وباكو الى النظر الى المنطقة من موشور واحد . الدولتان في صراع مع الهوية ، اذ كيف يمكن لاذربيجان ان تصبح دولة في وقت يعيش 20 مليون آذري ، اي ما يقارب ضعفي سكان اذربيجان ، في ايران . فالمرشد الايراني علي خامنئي هو من اصل اذري . اما اسرائيل، فانها تتخبط من اجل تحديد علاقتها بالمهجر اليهودي وبأقليتها العربية الكبيرة. ان الحكومة الاسرائيلية اقامت علاقات مع اذربيجان لاسباب عدة. فصانعو السياسة الاسرائيلية مثل نظرائهم العرب والايرانيين ، يعتبرون اذربيجان وساحل بحر قزوين جزءا من “الشرق الاوسط الكبير”. وتوسيع النفوذ الى منطقة اسلامية ليست عربية كان هدفا استراتيجيا اسرائيليا قديما. فقبل ثورة عام 1979، باعت اسرائيل اسلحة للجيش الايراني واعتبرت الشاه صديقا. كذلك، منذ بداية عام1990 ،اقامت اسرائيل علاقات مع تركيا. وهناك احتمالات ان تخلق التحالفات الجديدة فرصا اقتصادية جديدة وامنية واصواتا اضافية في الاممم المتحدة. اسرائيل كانت تهدف الى استثمار مصادر الطاقة في المنطقة عبر العمل من اجل انشاء انابيب الغاز والنفط التي قد تساعد حلفائها وتطوق اعدائها. واخيرا، امل المسؤولون الاسرائيليون بان العلاقات المباشرة ستسهل هجرة 20 الف يهودي من اذربيجان الى اسرائيل. في غضون ذلك وجدت الحكومة الاذربيجانية نفسها تتعاون مع اسرائيل انطلاقا من احترامها للدولة العبرية من جهة، ولافتقادها لاي خيار آخر من جهة اخرى. ففي عام 1990 كانت اذربيجان هشةاقتصاديا وغير مستقرة سياسيا وضعيفة عسكريا. باكو اليائسة في بحثها عن مساعدات خارجية، وجهت انظارها الى اسرائيل لدعمها ضد ايران الاكثر قوة وارمينيا المتفوقة عسكريا. ووعدت اسرائيل اذربيجان بتحسين اقتصادها الضعيف عبر تطوير علاقاتها التجارية. كما اشترت النفط والغاز الاذربيجاني وارسلت اطباء وخبراء متخصصين في التكنولوجيا والزراعة. واهم من ذلك كله كان تعهد وزير الخارجية الاسرائيلي ، بأن يستخدم اللوبي اليهودي ثقله في واشنطن لتحسين العلاقات الاذرية-الاميركية وموازنته بثقل اللوبي الارمني. وبرأي الرئيس الاذربيجاني الاول ابو الفاز التشيبي “بمقدور اسرائيل مساعدة اذربيجان في مسألة كاراباخ، عبر اقناع الاميركيين بردع الارمن”. وادرك الدبلوماسيون الاذريون ، حاجة تنويع اتصالاتهم في واشنطن خصوصا بعد ان فرض الكونغرس الاميركي عقوبات على اذربيجان بناء على توصية من اللوبي الارمني خلال الحرب في ناغورني كاراباخ . ويؤمن المسؤولون العسكريون الاذريون بأن الشركات الاسرائيلية قادرة على تسليح الجيش الاذربيجاني الضعيف، الذي يحتاج الى اسلحة جديدة بعد انهزامه في كاراباخ . وبين الاعوام 1993 و2003 طلب الرئيس الاذربيجاني علييف شخصيا ولمرات عدة مساعدات عسكرية من رئيس الوزراء الاسرائيلي .