تركيا ليست النموذج للديموقراطية

نايلة تويني النهار 18 تموز/يوليو 2011 لعل الصورة الابرز من زيارة وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الى تركيا هي اللقاء الذي جمعها بالبطريرك المسكوني للارثوذكس برتلماوس الاول في دارة البطريركية حيث يقيم في ما يشبه الاقامة الجبرية من دون الحرية في استقبال من يشاء الا بعد اذن رسمي. لم يصدر اي تصريح عن كلينتون بعد تلك الزيارة بل اكتفت في وقت لاحق بالدعوة الخجولة الى “حماية حرية التعبير وحقوق الاقليات”. فأي نموذج هذا الذي تريده الولايات المتحدة الاميركية لنا، اذا كان لا يعترف بوجود الاقليات، وقد اقفل تحت ستار العلمانية، المدرسة الوحيدة المخصصة لتنشئة الكهنة في تركيا، ومنع استقدام كهنة من خارج البلاد، كأنه يعمل لإنهاء الوجود المسيحي بعد وفاة رجال الدين المسيحيين الطاعنين في السن. ألم تعلم الوزيرة الاميركية ان محكمة تركية قضت بأن البطريرك المسكوني “ليس الزعيم الروحي للارثوذكس في العالم وانه رئيس الطائفة الارثوذكسية اليونانية المحلية” وجاء في الحكم ان “البطريركية التي سمح لها بالبقاء على الاراضي التركية تخضع للقوانين التركية ولا اساس قانونياً لادعائها انها مسكونية”؟ وهل تعلم الوزيرة الاميركية بأوضاع الارمن الذين يعانون حتى اليوم عقدة المجازر التي ارتكبت بحقهم على يد الاتراك عام 1915، ولم تعتذر منهم تركيا الحالمة بالجنسية الاوروبية، علماً أن أوروبا ما زالت حتى اليوم تجدد اعتذارها من اليهود في ذكرى المحرقة كل سنة. واي نموذج للشرق الاوسط يحد من حرية الاعلام فيسجن نحو 60 صحافياً يعملون في مطبوعات يسارية او موالية للاكراد، تلك الفئة المهمشة ايضاً، والتي تتحرك من وقت الى آخر رفضاً لتهميشهما اولاً، ولاستئصالهما ثانياً، مما يولد حالة احتقان دائمة في الشارع التركي؟ هل هو النموذج الذي اتلف مخطوطة كتاب قبل ان يصدر لانه ينتقد الحكومة؟ من جهة ثانية صحيح ان تركيا فتحت الحدود للاجئين السوريين لكنها في الوقت عينه حاولت ان ترسم شريطاً حدودياً في الداخل السوري، ويقول المعارض السوري والناطق باسم اللجنة العربية لحقوق الانسان هيثم مناع ان اوضاع المخيمات في تركيا تتردى، وان السلطة لا تقوم بما يجب عليها ولا تفسح المجال امام لجنة حقوق اللاجئين للقيام بذلك، كما منعت وسائل الاعلام من متابعة هذا الملف من قرب. صحيح ان المصالح تطغى على العلاقات كما يحصل مع الاتراك اليهود الذين يعيشون وضعاً مختلفاً عن غيرهم من الاقليات بسبب دورهم في التقريب بين تركيا وكل من اميركا واسرائيل، لكن المبدأ يظل واحداً، والحرية واحدة، والواقع التركي لا يؤكد ما ذهبت الى قوله الوزيرة الاميركية عن “النموذج”.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *