داود أوغلو و«الكومنولث العثماني»

كتب محمد نور الدين السفير-10 كانون الاول/ديسمبر 2010 للمرة الأولى يؤكد وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ما كان ينفيه دائما من سعيه إلى عثمانية جديدة يكون لتركيا فيها الدور القائد. فقد أحدثت المقابلة التي أجراها جاكسون دييل في صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية قبل أيام ضجة في تركيا تقاطعت مع ما نقلته حتى وثائق «ويكيليكس» التي وصفت داود اوغلو بأنه يرى أنقرة مركزا للعالم، وبأنه يحمل «خيالات العثمانية الجديدة الإسلامية». فأثناء وجوده في واشنطن الأسبوع الماضي والذي صادف بدء نشر وثائق «ويكيليكس»، اخرج داود اوغلو للمرة الأولى بشكل واضح ما يعتمل في داخله من نظرة إلى الدور الذي تتطلع تركيا للقيام به في المستقبل. ويورد دييل أن داود اوغلو ذكّره بأن «بريطانيا أسست الكومنولث مع مستعمراتها السابقة». ويتساءل داود اوغلو «فلماذا لا تكرر تركيا زعامتها في الأراضي العثمانية السابقة في البلقان والشرق الأوسط واسيا الوسطى؟». ويلاحظ أن داود اوغلو قد شمل أراضي آسيا الوسطى ضمن نطاق الزعامة التركية المستقبلية، رغم أنها لم تكن تابعة للدولة العثمانية ولا في أي وقت. وكان الكاتب والوزير السابق في عهد طورغوت اوزال، حسن جلال غوزيل أول من أشار إلى الكومنولث الانكليزي كنموذج لتركيا في مقالة له في العام 2008 عندما قال انه «عندما نذكر دول الكومنولث ومدى أهميتها لبريطانيا، وعندما نتابع زيارات ملكة بريطانية لهذه الدول، فإن أول ما يقفز إلى الذهن الإمبراطورية العثمانية التي كانت دولة عالمية عظيمة أسستها امتنا». ويضيف «توجد اليوم 45 دولة على الأراضي التي كانت تحت الحكم العثماني. والجمهورية التركية الحالية هي الوريث الطبيعي والشرعي لهذه الإمبراطورية. بالطبع شكل إدارة جمهوريتنا مختلف عن الدولة العثمانية، لكن يجب القبول بأننا ورثنا الميراث الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للعثمانيين، ويجب أن نزيل من أذهاننـا الأحكام الإيديولوجية المسبقة». وتذكّر صحيفة «ميللييت» إن النطاق الجغرافي الذي يدعو إليه داود اوغلو يتطابق مع ما رسمه في العام 2009 الصحافي في «نيويورك تايمز» توماس فريدمان في كتابه عن القرن الحادي والعشرين «من خريطة جغرافية تجعل تركيا بحلول العام 2050 زعيمة لهذه الجغرافيا العربية والبلقانية والقوقاز واسيا الوسطى». ووصفت الصحيفة داود اوغلو بأنه «توأم توماس فريدمان». ويكتب جونايت اولسيفير في صحيفة «حرييت» عن مقولة الكومنولث العثماني، مذكرا بأنها ليست خاصة فقط بأحمد داود اوغلو بل إن رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان كان قد دعا من بيروت، أثناء زيارته الأخيرة، إلى التشبه بالاتحاد الأوروبي وتأسيس «شينغن» عربي.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *