دنيز عطا الله حداد السفير 12 ت1 2006 تنظم الهيئات الشبابية في حزب “الطاشناق”، اليوم، تجمّعاً شعبياً في ساحة الشهداء. يعتصمون في قلب العاصمة على أمل أن يصبحوا أقرب إلى مركز القرار، علّهم يلقون آذاناً صاغية. في الرابعة من بعد ظهر اليوم سيعترض شبان لبنانيون أرمن على قدوم قوات تركية الى لبنان للمشاركة في قوات حفظ السلام في الجنوب. سيعترضون ضمناً على تهميشهم وعدم احترام ذاكرتهم الجماعية وقضيتهم. ليس هذا التحرك هو الاول ولن يكون الاخير، خصوصاً مع بدء وصول طلائع القوات التركية. يؤكد عضو اللجنة المركزية في حزب “الطاشناق” اوهانس تسلاقيان “أن هذه الخطوة هي لإبراز إصرارنا على موقفنا. لا بدّ للحكومة اللبنانية من أن تحترم رأي وموقف شريحة كبيرة من اللبنانيين”. مضيفاً “أن مطلبنا هذا له علاقة بالوجدان الأرمني الجماعي، بذاكرتنا الشعبية وبضمير كل أرمني”. توصيف لا يختلف عليه أرمنيان. ومع ذلك فشباب “الطاشناق” وحدهم هم من سيشاركون في التجمّع اعتراضاً. فالحزبان الأرمنيان الآخران “الهنشاك” و”الرامغفار” لن يشاركا، ولن ينظما أي تحرك اعتراضي. إسقاطات الخلافات اللبنانية الداخلية، كما اصطفافاتها، نجحت في التسلل الى قلب المجتمع الأرمني وخلقت تبايناً في مقاربة “القضية الأم “. un1.jpg”” align=left>حماس “الرامغفار” و”الهنشاك” وتحسّسهما من الموضوع ليس أقل من “الطاشناق”، لكنهم بدأوا يرون في تصعيد التحرك رسالة سياسية داخلية لبنانية. يشير النائب عن “الهنشاك” يغيا جرجيان الى “تمسكنا كحزب وكطائفة بموقفنا الرافض لأي وجود عسكري تركي على الاراضي اللبنانية. لكننا في الوقت نفسه لا نقبل بأن يتحوّل هذا المطلب المحق الى موقف ضد حكومة الرئيس السنيورة ويترجم خطوات تصعيدية في وجه الحكومة. ونحن نرى ان “الطاشناق” يحول الموقف الارمني المبدئي الى جزء من المعارضة اللبنانية الداخلية حيث نختلف معهم”. وكان كل من “الهنشاك” و”الرامغفار” و”الطاشناق” قد اصدروا بياناً مشتركاً، مع الاعلان عن مجيء قوات تركية الى لبنان رفضوا فيه الموضوع. كذلك فعل رؤساء الطوائف الارمنية الثلاث. وبطلب خطي من الكاثوليكوس ارام الاول الى رئيس الجمهورية تمّ بحث الموضوع في مجلس الوزراء. يومها اعترض الوزير جان أوغاسبيان وتحفظ كل من الوزراء بيار الجميّل، محمد الصفدي، جو سركيس، الياس المر وميشال فرعون. لكن القرار اتخذ وتعهد الرئيس فؤاد السنيورة بالاتصال برؤساء الطوائف الارمنية لاحقاً لشرح ضرورات الموقف. لكن “موقف” السنيورة بات بحاجة الى شرح ضروراته بالنسبة الى البعض. يقول تسلاقيان “لقد تعاطى الارمن عبر تاريخهم باحترام شديد لكل المواقع والمراجع سواء اختلفوا معها أو اتفقوا. وقد راعينا كل الخصوصيات والحساسيات في البلد. كنا نتمنى لو عوملنا بالمثل. كان من المفترض الاتصال بالأحزاب ورؤساء الطوائف الارمنية والتشاور معها قبل اتخاذ القرار وليس بعده من باب العلم والخبر فقط”. وينفي بشدة أن يكون للتصعيد في التحركات اي علاقة بالتجاذب الداخلي الحاصل في الموضوع الحكومي. يقول “موقفنا واضح من الحكومة. نحن لم نعطها الثقة من الاساس، لكننا نفصل ذلك بشكل كامل عن التحرك الذي نقوم به من اجل قضيتنا وقضية كل ارمني. نحن لم نتخذ موقفاً من الحكومة في هذا الموضوع. هي التي فعلت. فهي يُفترض أنها تعرف الحيثيات والحساسيات الارمنية من الوجود العسكري التركي، ومع ذلك لم تراعها أو تهتم بها. بالتالي هي من بادرت باتخاذ الموقف منا ولسنا نحن من فعل”. ويشدد “نحن قلنا ونكرر ان هذه الحكومة لا تعكس التمثيل المسيحي بشكل صحيح، كما لا تعكس من ضمنه التمثيل الأرمني الصحيح بحسب نتائج الانتخابات، لكن هذا في الشأن الداخلي المحلي البحت لا علاقة له بالقضية الارمنية والموقف من الوجود التركي على ارض لبنان”. يشير تسلاقيان إلى ان “تحركنا سيتواصل لنتمكن من التأثير على الحكومة لتغيّر في موقفها أو على الاقل تعدل فيه فتخفض عديد القوة التركية أو تقصر مدة مشاركتها وتحددها، او تختار الصيغة المناسبة التي تراعي فيها مشاعرنا وذاكرتنا”. وعن طبيعة هذا التحرك يقول “كل الوسائل السلمية والديموقراطية متاحة ويمكن ان نعتمدها”. بدوره لا ينفي النائب جرجيان “تواصل السعي لايجاد سبيل لتغيير موقف الحكومة. لكننا سنلجأ الى الحوار والطرق السياسية والديبلوماسية. وقد تم تفويض الوزير جان اوغاسبيان لمتابعة الموضوع. لكننا لن نساهم بأي شكل في الحملة على الحكومة في هذا الظرف ولن نقوم بخطوة تصعيدية، لأننا نعرف أنها ستُصرف في غير مكانها”. تأتي خطوة شباب وطلاب حزب “الطاشناق”، اليوم، ضمن سلسلة تحركات باشر فيها الحزب. سيغلب على تجمع اليوم الطابع الرمزي. لكن السيارات التي جالت في ساحل المتن، مساء امس وامس الاول، تحمل مكبرات صوت تبث أغاني وطنية وحماسية ارمنية وتندّد بتركيا وتحالفاتها مع اسرائيل، تبشر بأن التحركات الارمنية لن تقف هنا وان هذا التجمع سيكون له ما يليه.