تحتفل بمرور500 عام علي طباعة أول كتاب بالأرمينية الاهرام العربي السبت 8كانون الثاني/يناير 2011 أرمينيا ـ ميرفت فهد في السبت الثاني من أكتوبر كل عام يقام احتفال لا يوجد مثله في أي مكان في العالم سوي في أرمينيا. إنه عيد المترجمين الذي يتم الاحتفال به منذ القرن الخامس الميلادي وحتي الآن. كما كانت أرمينيا تعتبر المترجمين في مصاف القديسين وتطلق أسماءهم علي الكنائس. ومع مرور الوقت أصبح هذا الاحتفال علمانيا. ومما لاشك فيه أن الترجمة وحركة التعرف علي الثقافات الأخري تشكل تطورا كبيرا في الحياة الأدبية لأية أمة. بل قد تعتبر جسرا للتواصل عبر الثقافات المختلفة. ويبدو أن أرمينيا اكتشفت هذا السر مبكرا واهتمت بعملية الترجمة. وقد سهل هذه العملية اختراع الأبجدية الأرمينية في عام405, ومنذ ذلك الوقت حدثت انطلاقة في الحياة الأدبية الأرمينية. ذلك لأن الأبجدية الأرمينية والتي تتكون من36 حرفا تتميز بأنها يمكن التعبير من خلالها عن كل مظاهر اللغة الأرمينية التي صمدت عبر القرون ويتم استخدامها اليوم في الأرمينية الحديثة دون أي تعديل فيها. ويعود الفضل في ذلك إلي مخترعها ميسروب ماشتوتس(361 ـ440) الذي استطاع بمعاونة تلاميذه ومساعديه في تأسيس الأدب في اللغة الأرمينية. وفي لقاء الوفد الصحفي المصري في أرمينيا, أكدت وزيرة الثقافة الأرمينية السيدة هاسميك بوغوصيان, أن ترجمة الأدب مهمة لأرمينيا للتكامل مع مجتمع الأدب العالمي. وأن الأبجدية الأرمينية فريدة من نوعها ولا توجد مثيلاتها في الأبجديات الأخري. وهي نقطة انطلاق الأدب الأرمني حيث تمت ترجمة مؤلفات أخري إلي اللغة الأرمينية في المجالات الدينية والتاريخية والروحية والثقافية وتكونت ثروة أدبية منذ القرون الوسطي. كما أكدت أنهم لم يواجهوا يوما أية صعوبات في عملية الترجمة. وفي الوقت الحالي, يتم تقييم الترجمات وتطويرها. وهناك مشروع مستقبلي للترجمة من الأرمينية إلي العربية برعاية اتحاد الكتاب الأرمن. وأنه في عام2012, ستحتفل أرمينيا بمرور500 عام علي صدور أول كتاب يطبع باللغة الأرمينية مشيرة إلي أن طباعته كانت بمدينة البندقية بإيطاليا. كما ستشارك أرمينيا للمرة الأولي في العام نفسه في المعرض الدولي للكتاب في القاهرة في الوقت الذي أعلنت فيه اليونسكو عام2012, يريفان العاصمة الأرمينية عاصمة للكتاب الدولي. وهم يطلقون علي هذه المناسبة’ سفينة الأدب’ نسبة إلي سفينة نوح التي رست بعد الطوفان علي جبل أرارات الذي يقع علي حدود أرمينيا مع تركيا حيث سيكون ملتقي للعديد من الأدباء من مختلف أنحاء العالم. ومن ناحية أخري, أشارت بوغوصيان إلي العلاقات الثقافية بين مصر وأرمينيا. وأن الأساس في ذلك هو الأسس الحضارية لدي الشعبين والصلات الاجتماعية لسنوات طويلة وكذلك الاتصالات بين الشعوب التي تساعد علي تطوير العلاقات الثقافية وتدعيمها, علاوة علي الصلات الإنسانية التي تساعد علي تدعيم العلاقات الثقافية بين البلدين. وأنه في عام1997, تم توقيع وثيقة بين وزارتي الثقافة المصرية والأرمينية للتعاون بين البلدين. كما نجح البرنامج الذي كان مدته3 سنوات وتم توقيعه عام2005, لينتهي في2008, ويتم تنفيذه بالكامل. وهناك برنامج جديد سيدخل حيز التنفيذ خلال2011 ـ.2012 وفي إطار المحافظة علي الإرث الثقافي والقيم الثقافية, كشفت بوغوصيان أن أبرز أولويات التعاون بين البلدين هو تبادل البعثات في مجال الحفاظ علي الآثار والمخطوطات باعتبار أن مصر لها خبرة كبيرة ورائدة في هذا النشاط. وأنه تم أخيرا التوقيع علي اتفاقية تعاون بين مكتبة الإسكندرية والمكتبة الوطنية في أرمينيا, فضلا عن قيام مصر بتدريب11 من الباحثين الأرمن في مجال المكتبات والمخطوطات. ومن الجدير بالذكر أن عدد المخطوطات الأرمينية علي مستوي العالم يبلغ حوالي30 ألف مخطوطة موجودة في مكتبات ومتاحف القدس وفينسيا وفيينا وأصفهان, وبيروت وموسكو وباريس ولندن وسانت بطرسبرج وتبليسي, وأماكن أخري كثيرة. إلا أن متحف ماشتوتس ماتناداران في العاصمة الأرمينية يريفان له نصيب الأسد حيث يحتوي وحده علي14 ألف مخطوطة أرمنية. ووجهت وزيرة الثقافة الأرمينية من خلال الوفد المصري تحية تقدير بالسيدة سوزان مبارك, التي تهتم كثيرا برعاية أنشطة الثقافة الأرمينية في مصر, الأمر الذي تحرص معه أرمينيا علي المشاركة في الأنشطة الثقافية المصرية. والواقع, يمكن أن نلمس الدور الثقافي المصري بالأكثر في قسم اللغة العربية بجامعة يريفان. فقد لفت انتباه الوفد المصري عند دخول القسم وجود قاعة باسم السيدة سوزان مبارك, وذلك في إطار الدور الذي يلعبه الصندوق المصري للتعاون الفني مع دول الكومنولث. حيث يلعب الصندوق دورا مهما في تدعيم العلاقات الثنائية بين البلدين سواء علي المستوي الرسمي أم الشعبي من خلال جهود السفيرة سمية سعد, أمين عام الصندوق. كما تشعر أرمينيا بالامتنان والتقدير لما يقدمه الصندوق من مساعدات سواء في شكل دورات تدريبية أو في شكل مساعدات مالية أو عينية. وربما يزيد من شعور التقدير أن هذه المساعدات تأتي من دول نامية مما يمنحها معني أعمق. وتعتبر أرمينيا ثاني أكبر الدول التي استفادت من الدورات التي ينظمها الصندوق منذ إنشائه وحتي نهاية عام2008, حيث قام الصندوق بتدريب1669 من الكوادر الأرمينية في عدة تخصصات. ويذكر أن مصر تقدم7 منح دراسية سنوية للطلاب الأرمن في مجال دراسة اللغة العربية, لمدة عام بالقاهرة. حيث قال د. خيري حامد بسيوني, خبير اللغة العربية بالصندوق, إن هناك بالفعل طلبة أرمن استفادوا من هذه المنح ودرسوا بجامعة القاهرة. وقد أوضح أن قسم اللغة العربية أنشئ بجامعة يريفان منذ عام1940, وذلك بسبب العلاقات الطيبة التي تربط بين الأرمن والعرب. وقد كان يقتصر دخوله علي الصفوة فقط لأنهم كانوا يلتحقون فيما بعد بالسلك الدبلوماسي. ولكن هناك الآن إقبالا عليه من العديد من الطلبة لاهتمامهم بدراسة اللغة العربية الثرية والتعرف علي الثقافات العربية الأخري من خلالها. وقد أكدت هذا المعني د.سونا تونيكيان رئيس قسم الدراسات العربية بالجامعة وأن هناك خطة مستقبلية لتطوير القسم لزيادة إقبال الطلبة عليه. وقد ذكرت أن من أشهر خريجي القسم السيد إدوارد نابلديان, وزير الخارجية الأرمني, والذي عمل كأول سفير لأرمينيا في مصر عند افتتاح السفارة بها عام.1991 وقد استعرض الطلبة مهاراتهم اللغوية أمام الوفد المصري. حيث ألقت بعض الطالبات كلمات ترحيب وبعض أبيات من الشعر كان أبرزها وأجملها علي سمع الحاضرين قصيدة’ لست أدري’ للشاعر’ إيليا أبي ماضي’. إن أرمينيا من الدول التي تعتز بالثقافة كثيرا ويمكن البرهنة علي ذلك من خلال ميادينها التي لا يخلو واحد منها من تمثال لشخصية أثرت الحياة الثقافية والفنية الأرمينية. كما أن هناك اهتماما واضحا بالكنائس القديمة ولا سيما كاتدرائية إتشميادزين, وهي أقدم الكنائس المسيحية في أرمينيا. وتعد المركز التاريخي للكنيسة الرسولية الأرمينية. وتقع علي بعد20 كم من العاصمة يريفان. وقد بناها جريجور لوسافوريتش ـ مؤسس الكنيسة الجريجورية الأرمينية عام301 ـ303م ـ بجوار قصر الملك وهي مقر إقامة الكاثوليكوس وهو رأس الكنيسة الأرمينية. من الجدير بالذكر أن أرمينيا انضمت إلي اليونسكو في يونيو1992, وتعني المشاريع المشتركة بين اليونسكو وأرمينيا بشكل أساسي بتعزيز تراث البلاد الثقافي الوطني والإقليمي. وقد أدرجت كنائس إتشميادزين والمنطقة الأثرية في زفارتنوتز التي تشكل رمزا للهندسة الدينية الأرمينية علي قائمة التراث العالمي عام2000, بعد حملة تجديد دولية بادرت المنظمة إلي إطلاقها. وتشارك أرمينيا أيضا في تطوير الحوار بين الثقافات في منطقة القوقاز.