08/12/2011 http://www.presidency.gov.lb/Arabic/News/Pages/Details.aspx?nid=12059 أيها الاحباء، أنا سعيد بأن يكون اللقاء الاول في بداية هذه الزيارة مع أبناء الجالية اللبنانية في أرمينيا التي تربطنا بها علاقات انسانية اتخذت مداها الاوسع مطلع القرن الفائت عندما إحتضن اللبنانيون الارمن الوافدين الى لبنان هرباً من الاضطهاد والمجازر فوجدوا في بلادنا ولدى اهلنا الملاذ الآمن فعاشوا واندمجوا وباتوا مكوناً اساسياً من مكونات الشعب اللبناني لهم دورهم السياسي والاجتماعي منذ قبل قيام دولة الاستقلال كما لعب الارمن دورا مميزا في عهد المتصرفية عام 1861. صحيح أن عدد افراد الجالية اللبنانية هنا ليس بكبير، لكن الصحيح أيضاً أن هذه الجالية تضم طاقات وقدرات في كل المجالات، واعرف كم يعتمل في نفس كل منكم من محبة للبنان وكذلك لأرمينيا، ومن عزم على القيام بدور فاعل لتوطيد العلاقة بين البلدين، وانتم نشطون في العديد من المجالات كرجال اعمال ومستثمرين وصناعيين ومثقفين اسستم العديد من الشركات ولديكم استثمارات متنامية في مجالات الاتصالات وقطاع البناء والمصارف ومشاريع زراعية وسياحية وغيرها، إضافة الى الدور الذي يلعبه رجال الدين الحريصين على التراث والقيم. فلكم منا تحية اعتزاز وتهنئة. وسرّني أن يكون فخامة رئيس الجمهورية الارمينية اخي السيد سيرج سركيسيان قد قلّد عدداً من اللبنانيين من اصل أرميني اوسمة لمناسبة الذكرى العشرين لاستقلال أرمينيا، تقديراً منه لعطاءاتهم في المجالات الانسانية والثقافية والاجتماعية، اضافة الى كوكبة من رجال الدين. ونهنئ أرمينيا بالذكرى العشرين لاستقلالها كدولة حديثة وهي قامت كدولة وأمة منذ اقدم العصور والواقع أن ملحمة الاغتراب الارميني شبيهة في وجوه كثيرة بملحمة الاغتراب اللبناني : بلدان صغيران وشعبان عريقان في التاريخ اخترعا ابجدية خاصة بهما، تعرضا للإضطهاد والظلم وواجها مآسي الحروب والاحتلال وتسكنهما قوة الايمان نفسه والطموح والاقدام. وكلاهما نجح بالرغم من كل التحديات في المحافظة على هويته وروحه الوطنية وفي التأقلم والتقدم والنجاح في المجتمعات والدول التي هاجروا اليها، حيث تمكن المغتربون اللبنانيون والارمن على السواء من الانخراط في نسيج هذه المجتمعات والمساهمة بشكل ظاهر في تقدمها وعمرانها، وبلوغ أرقى المواقع وأعلى المراتب على الصعد السياسية والاجتماعية والمهنية فيها، ملتزمين الولاء للدول التي أختاروها محتفظين في الوقت نفسه بتعلقهم بوطنهم الام. أيها الاحباء، إن اللبنانيين من أصل أرميني الموجودين في لبنان، ودنيا الانتشار يشكلون جسر تواصل طبيعي بين لبنان وأرمينيا وكلانا نعوّل عليهم للمساهمة بتعزيز الانتشار المشترك بين البلدين وتوثيق عرى الصداقة والتكامل الانساني والثقافي. وإن ما تقومون به هو مدعاة اعتزاز وأدعوكم الى لعب دور اكبر لتوسيع آفاق العلاقات الاقتصادية والثقافية بين البلدين. أعلم أن هناك صعوبات ومشكلات تعوّق فرص التواصل والاستثمار كعدم وجود خط جوي مباشر فضلاً عن معوّقات ادارية أخرى، إلا أن التوقيع على الاتفاقات المشتركة بين البلدين وتكثيف وتيرة الزيارات المتبادلة على كل المستويات من شأنه المساعدة في إيجاد اطار افضل لتعزيز العلاقات. إن موضوع تسيير خط مباشر بين بيروت ويريفان مازال موضع إهتمام ودرس، كذلك لا بد من العمل على تخفيض كلفة نقل البضائع بين البلدين وتنشيط التبادل السياحي ومجالات الاستثمار فيكون لبنان بوابة أرمينيا الى الدول العربية وتكون أرمينيا بوابة لبنان الى رابطة الدول المستقلة. إن العلاقة اللبنانية_ الارمينية وإن كانت ممتازة على مستوى الدولتين إلا أن هناك حاجة لتعزيزها لتصبح على مستوى حجم العلاقة القائمة بين الشعبين. إن إقامة تمثال لجبران خليل جبران وسط مدينة يريفان في حديقة ” كيروف” الملاصقة لشارع بيروت مثال عن المبادرات والانشطة الواجب تشجيعها الى جانب تنظيم زيارات متبادلة سياسية واقتصادية وتربوية وكذلك تنظيم انشطة رياضية وثقافية مشتركة، وسنقوم بتفعيل عمل لجان الصداقة البرلمانية ورجال الاعمال. فنحن هنا لتعزيز ع��اقات الصداقة المميزة وتثبيت دعائم تعاون مستقبلي دائم ومتجدد، من خلال سلسلة اتفاقات تعاون سيتم التوقيع عليها بين الجانبين. ايها الاحباء، أن ما يجري في العالم العربي وفي سوريا من تطورات يلقى منا ومنكم متابعة خاصة وربما قلقة حرصاً على مستقبل الاستقرار في هذه الدول وهناء شعوبها ومن دون التدخل في شؤونها الداخلية. كما نأمل ان تذهب هذه التطورات في اتجاه الاصلاح وديموقراطية منفتحة على الحداثة وبشكل يحافظ على حقوق الانسان والحريات العامة بعيدا عن العنف. ونحن في مطلق الاحوال نعمل مع أرمينيا والدول المحبة للسلام لإعادة إحياء الجهود الهادفة للتوصل الى سلام عادل ودائم في الشرق الاوسط يحفظ الحقوق العربية والفلسطينية، بعيداً من أي شكل من اشكال التوطين، ويستند الى قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد والمبادرة العربية للسلام. أيها الاحباء، إن لبنان الذي تمكن من المحافظة على استقراره الامني والنقدي بفضل نظامه الديموقراطي وحكمة المسؤولين عن قطاعه المصرفي، يتحضر لمزيد من الاصلاح عن طريق اقرار قانون جديد للانتخابات واعتماد اللامركزية الادارية وتحسين قطاع الخدمات خصوصاً على صعيدي الكهرباء والمياه، اضافة الى نشوء الامل بإمكان المباشرة في خلال السنوات المقبلة باستثمار الثروة الغازية والنفطية التي تم اكتشافها في مناطقنا البحرية والتي سنبدأ رحلة التنقيب عنها قريباً وما يواكب ذلك من فرص عمل ومجالات استثمار. وسنستمر في الدعوة الى اعتماد نهج الحوار والعمل على تطبيق مقررات مؤتمر الحوار الوطني وتحسين ادائنا الديموقراطي واللجوء الى المؤسسات الشرعية لحل اي خلل طارئ بعيداً عن اي عنف، ومواصلة الجهد لتعزيز قدراتنا الوطنية المقاومة والرادعة وتوحيدها في وجه اي تهديد او عدوان، والمضي في الضغط على اسرائيل لتنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته واستعادة كامل سيادتنا على أرضنا وسيطرة القوات العسكرية اللبنانية من دون سواها على مقدرات الوطن. ولبنان لن يتوانى عن العمل لدى المراجع الدولية لالزام اسرائيل التعويض عن كل ما تسببت به أعمالها العدوانية وحروبها من قتل وتدمير وإيذاء. أيها الاحباء، لا يمكن لبنان ان يحيا من دون جناحه المغترب ويقع على عاتق الدولة بناء اطر تعاون حديثة متطورة مع الاغتراب، تنطلق من البطاقة الاغترابية وصولاً الى حق المغتربين في التصويت في الانتخابات وهذا ما نسعى اليه بشكل حثيث. وفي الختام، انتم في كنف دولة صديقة وبين شعب إحتضنه الآباء والاجداد فانخرط في مجتمعنا ونسيجنا وأصبح مكوناً أساسياً فيه، فانعموا انتم باحتضان الدولة الارمينية لكم، واحتفظوا دائماً بجذوركم اللبنانية التي هي رسالة محبة وانفتاح ووفاء واخلاص. والسلام عليكم عشتم، عاش لبنان، عاشت أرمينيا.