أجري الحديث: محمد عبدالهادي الاهرام 7 آذار/مارس 2009 أكد إدوارد نالبانديان وزير خارجية أرمينيا أن علاقات الصداقة التاريخية بين بلاده ومصر تشكل أساسا لتعميق التعاون بين الحكومتين، ووصف الحوار السياسي بأنه علي مستوي عال يجب دعمه بمشاريع اقتصادية متبادلة. وقال ـ في حديث للأهرام ـ إن الوضع الراهن في منطقة القوقاز تطلب من كل دول المنطقة ضبط النفس، فأحداث صيف 2008 بين روسيا وجورجيا أوضحت أن هذه المنطقة قد تصبح قنبلة متفجرة مشددا علي أن الاتفاق الذي تم بجهود رئيس فرنسا وروسيا هو أساس الحل السلمي ويجب مراقبة ومتابعة تنفيذ الاجراءات والإلتزامات لكي تنم المحادثات المرتقبة في جنيف عن نتائجهاالمرجوة. واتهم نالبانديان أذربيجان بتعطيل التسوية السلمية للنزاع حول اقليم ناجورنو كاراباخ وبالتراجع عن مقترحات مينسك ومباديء باريس للتسوية السلمية، ولشن حملة دعاية بلغت حد الحض علي كراهية الأرمن! وحول علاقات بلاده بتركيا شدد علي رغبة بلاده في اقامة علاقات دبلوماسية وفتح الحدود مع تركيا، داعيا الي وضع التناقصات جانبا والعمل من أجل حوار بناء، معربا عن اعتقاده في أن المصالحة الأرمينية التركية قريبة، قائلا: إن دبلوماسية كرة القدم فتحت الطريق، في إشارة الي دعوة الرئيس الأرميني ساركسيان نظيرة التركي عبدالله جول لحضور مباراة كرة القدم بين فريقي البلدين في العاصمة الأرمينية. وفيما يلي نص الحديث: ماهي الموضوعات التي تناولتها بالبحث مع وزير الخارجية أحمد أبوالغيط، وكيف تقيم العلاقات الثنائية التي بدأت رسميا عام1992؟. في البداية، دعوني أقول إن عودتي الي القاهرة أمر يسرني جدا لأنني عشت هنا 15 عاما وتشرفت بكوني أول سفير لأرمينيا ومثلت بلادي في مصر. خلال لقائي مع صديقي وزميلي أبوالغيط بحثنا التعاون الثنائي في العديد من المجالات. كما تناولنا مسائل تخص تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة جنوب القوقاز والشرق الأوسط، وأود التأكيد علي أن العلاقات الأرمينية ـ المصرية لها تاريخ طويل، وما يربط شعبينا هو الصداقة التاريخية التقليدية والمودة والتعاطف. وكل ذلك يشكل أساسا لتعميق التعاون بين الحكومتين لما فيه مصلحة الجميع، إن أرمينيا مهتمة بتعزيز وتعميق التعاون المتبادل مع مصر ويجب دعم المستوي العالي للحوار السياسي الموجود بين بلدينا بمشاريع اقتصادية متبادلة. يشكل التوتر في العلاقات بين روسيا وجورجيا تهديدا أمنيا في منطقة القوقاز.. كيف ترون إنعكاسات ذلك علي المنطقة وأرمينيا.. وهل لديكم مقترحات من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في هذه المنطقة؟ كما هو معلوم، تعتبر القوقاز من المناطق الأكثر حساسية في العالم. ومنذ قرون كانت القوقاز مفترق الطرق لشعوب وديانات وثقافات وحضارات عديدة. إن مسيرة تطورات الاحداث والوضع الراهن في جنوب القوقاز والبلدان المجاورة تتطلب من كل واحد منا ضبط النفس وحسا عاليا للمسئولية. شهدت الاحداث في صيف 2008 في جنوب اوسيتيا بكل وضوح أن عدم الانتباه يمكن أن يؤدي بالقوقاز إلي قنبلة متفجرة. وقد بينت تلك الاحداث الخطر في التمادي في تملك الاسلحة. ونحن في أرمينيا ندرك ذلك الخطر منذ زمن. وحاولنا تنبيه اصدقائنا إلي ان سباق التسلح في المنطقة يمكن ان يؤدي إلي بداية نزاع مسلح من جديد. علي أي حال، نأمل أن تكون احداث شهر اغسطس 2008 قد ذكرت الجميع ان الحرب بدون شك ليست حلا ابدا. واليوم كرئيس لمنطقة اتفاقية الامن الجماعي فإن أرمينيا أوضحت موقفها في البيان الذي وقع عليه كل الدول الاعضاء. إن قضايا التعاون والامن في منطقة جنوب القوقاز خاضعة دائما للنقاش. وإن أي فكرة بإتجاه التعاون والثقة المتبادلة والامن يكون مرحبا بها. والمهم اليوم، أن نركز جهودنا علي منع أي كارثة مشابهة. وفي هذا الصدد المهم هو المستقبل. نحن نري أن الاتفاق الذي جري بجهود رؤساء فرنسا وروسيا هو أساس للحل السلمي. ويجب حاليا مراقبة ومتابعة تنفيذ تلك الاجراءات والالتزامات لكي يحترم كل طرف التزاماته وحث كل الجهود لكي تثمر محادثات جنيف نتائجها المرجوة والتي تضم كل اطراف النزاع. إلي أين وصلت جهود تسوية قضية اقليم كاراباخ. وكيف ترون امكان حل القضية سلميا؟ منذ عام 2007 خلال اجتماع وزراء منطقة الامن والتعاون الاوروبي قام رؤساء مجموعة مينسك بتقديم اقتراحات لوزراء خارجية أرمينيا وأذربيجان علي أساس مبادئ تسوية نزاع كاراباخ, كان يمكن لتلك المبادئ ان تكون أساسا لاستمرار المفاوضات. للأسف لم يأخذ الطرف الأذري تلك الاقتراحات علي محمل الجد لأشهر طويلة، وفي حزيران عام 2008 فقط وافق رئيس اذربيجان في سانت بطرسبورج عند لقائه رئيس أرمينيا علي متابعة المفاوضات علي أساس وثيقة مدريد. وفي 2 نوفمبر في موسكو بمبادرة من الرئيس ميدفيديف ونتيجة للقاء اخر بين الرئيسين وقع رؤساء الدول الثلاث بيانا يبين نصه ضرورة تسوية النزاع سلميا وسياسيا. كنا نعتقد بأن بيان موسكو كان يمكن ان يفتح مرحلة جديدة لعملية السلام. ولكن بعد مضي عدةايام، أعلن المسئولون في اذربيجان أن التسوية السلمية ليست مرادفا للإلتزام بعد استخدام القوة حتي أنهم قالواأن الطرق العسكرية لم تكن مستحيلة كوسيلة لتسوية النزاع. وبالرغم من أن بيان موسكو يؤكد إن حل النزاع يجب أن يجري علي أساس مقاييس ومبادئ الحقوق الدولية. وتصر اذربيجان علي أن التسوية تقوم علي مبدأ واحد وهو الحفاظ علي وحدة اراضي الدولة. رغم ان البيان يوضح ان عملية المفاوضات يجب ان تستمر في اطار مجموعة مينسك، لكن أذربيجان تعقد كل شئ، وتناقش الامور في محافل اخري في نفس الوقت بمقايس مختلفة. لم تنشر تفاصيل المفاوضات حتي الان، لكن المبادئ واضحة، وقد كتب الكثير عن هذا الموضوع. واليوم، تجري المفاوضات علي أساس وثائق منظمة الامن والتعاون الاوروبي، وخاصة الصك النهائي لهلسنكي بعدم استخدام القوة ووحدة الاراضي وحق تقرير المصير. الأمر الأهم هو موضوع وضع كاراباخ بشكل نهائي والاعتراف بحقوق تقرير مصير شعب كاراباخ وتحقيقه وتأمين الأمن بمعناه الواسع.ولكن أود أن أشير أنه برأي من أجل تسوية المشكلة بشكل سلمي كان من الأجدر أن نجهز الجموع للمصالحة في البلدين، للأسف، تصل الدعاية الرسمية في أذربيجان إلي حد زرع الحقد. واتخذت اذربيجان خطوات خطيرة لأعطاء النزاع طبيعة دينية لدرجة إذا وصلنا غدا في المفاوضات الي اتفاق فيمكن ان يعارض الطرف الأذري بأن مجتمعه لايقبل ذلك، كما حصل مرة، فبعد ان وصلنا إلي اتفاق حول مبادئ باريس أعلنت أذربيجان أن الرأي العام ليس مستعدا في أذربيجان. وأضيف ان مجموعة مينسك هي أيضا هدف للدعاية الأذرية.ويبدو هذا السلوك غريبا، خاصة انه من جهة يدعو جيراننا الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا للتوسط ومن جهة أخري ينتقدونهم. والنتيجة أن 82% من الأذريين يعارضون وساطة مجموعة مينسك. لديكم علاقات طيبة مع ايران.. كيف يمكن أن تسهم هذه العلاقات في تحقيق التفاهم والاستقرار..وكيف تنظرون إلي الحوار المزمع بين الولايات المتحدة وإيران؟ تقوم العلاقات السياسية والاقتصادية بين أرمينيا وإيران علي أساس المصلحة المشتركة، خاصة في مجال الطاقة والنقل. ماهي طبيعة العلاقات بين أرمينيا وتركيا لاسيما في ضوء مايتردد عن ضغوط اللوبي الأرميني في أوروبا لمنع انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي مالم تعترف بالاتهامات الموجهة للدولة العثمانية بإرتكاب مذبحة الارمن عام 1915؟ قام الرئيسي الأرميني ساركسيان في سبتمبر 2008 بدعوة رئيس تركيا عبدالله جول الي يريفان لحضور مباراة كرة القدم بين منتخبي تركيا وأرمينيا. وبهذه المناسبة وخلال اللقاء الذي جري بين الرئيسين تم أيجاد مناخا مناسبا مما ساهم في بدء مفاوضات من أجل تطبيع العلاقات، وبالنتيجةالتقيت بزميلي التركي علي باباجان عدة مرات، وبتقديري كانت اللقاءات بناءة ومفيدة جدا. نحن مستعدون لتطبيع العلاقات أي إقامة علاقات دبلوسية وفتح الحدود مع تركيا. أرمينيا مستعدة لاتخاذ الخطوات بهذا الاتجاه دون أي شروط مسبقة، ونأمل بأن تركيا أيضا بدورها مستعدة لفعل ذات الشئ. إن قرار قبول أي دولة في الاتحاد الاوروبي تابع فقط لشعوب واعضاء الاتحادالاوروبي. وهم المخولون بالقرار ان كانت اي دولة تستوفي شروط الاتحاد الاوروبي أم لا. كيف تقيمون الجهود المصرية لاحلال السلام في الشرق الاوسط، وماهي رؤيتكم للعدوان الاسرائيلي الاخير علي قطاع غزة؟ كون أرمينيا قريبة جيوسياسيا من منطقة الشرق الاوسط فهي مهتمة جدا بترسيخ السلام والاستقرار هناك. وفي هذا الصدد، نحن نقدر عاليا دور مصر في عملية تسوية قضايا الشرق الاوسط سلميا. وتري أرمينيا بأن أي معضلة يجب ان تحل بطرق سلمية عبر المفاوضات والحوار.