شافارش كوتشاريان- نائب وزير الشئون الخارجية لجمهورية أرمينيا 14 آذار/مارس 2012 صحيفة المسايا المصرية منذ أربعة وعشرين عاما، في 27-29 فبراير 1988، وقعت أحداث مروعة، جرائم قتل ومذابح ضد 18 ألف أرمني في مدينة سومغايت، الواقعة على بعد 26 كيلومترا من باكو. كان ذلك رد فعل بربري من أذربيچان على القرار الشرعي والسلمي الذي تبناه نواب مجلس الحكم الذاتي لإقليم ناجورنو كاراباخ في جلسة عقدت في 20 فبراير 1988. وأعقب القرار تسليم التماسات للمجالس العليا للاتحاد السوفييتي، وأذربيچان وأرمينيا بطلب تحويل الحكم الذاتي لإقليم ناجورنو كاراباخ من أذربيچان إلى أرمينيا. وتلا ذلك حمام من الدم في سومغايت بمذابح للأرمن في كيروڤ أباد، وباكو، وخانلار، وشامخور…، تطهير عرقي للسكان الأرمن في المناطق المحيطة بناجورنو كاراباخ وفي ناجورنو كاراباخ نفسه. يقول الأكاديمي أندريه ساخاروڤ Andrei Sakharov في رسالة موجهة إلى ميخائل جورباتشوڤ في أغسطس 1988: “لو كان أحد قبل سومغايت يرتاب في أن أذربيچان قد يكون لها الحق في ناجورنو كاراباخ، فبعد هذه المأساة لا أحد لديه حق أخلاقي للإصرار على ذلك” (نشر في صحيفة نيزاڤيسيمايا جازيتا Nezavisimaya gazeta، بتاريخ 27/10/1992). وكما صرح إلياس إسماعيلوڤ: “هؤلاء المسئولون عن التحريض على المذابح (في سومغيت) يجلسون الآن في المجلس الملِّي [برلمان أذربيچان] وقد وضعوا أعضاء البرلمان في جيوبهم”. (Zerkalo, 21.02.2003). وقد كان إلياس إسماعيلوڤ يعرف ما يتحدث عنه- فقد كان في 1988 يتولى منصب المدعي العام لجمهورية أذربيچان الاشتراكية السوفييتية. وقد أثارت أذربيچان تلك الهستيريا ضد الأرمن حول أحداث خوچالي بغرض إنكار حق تقرير المصير لشعب ناجورنو كاراباخ ولتفادي المسئولية عن السياسة العمدية للقتل والتطهير العرقي للشعب الأرمني. ولا يختص الأمر بما إذا كانت أحداث خوچالي مأساة أم لا؛ إنه عما حدث بالفعل هناك، ومن هو المسئول عن تلك المأساة. في 1992… كان العدوان الأذربيچاني على جمهورية ناجورنو كاراباخ في أوجه، كانت نصف أراضي الجمهورية تحت الاحتلال، والأجزاء الباقية من كارباخ، بما فيها العاصمة – ستيپاناكيرت، معرضة لقصف يومي من مواقع الضرب الأذربيچانية. وكانت قرية خوچالي إحدى تلك المواقع، والتي تقع بالقرب من المطار الوحيد في تلك المنطقة، والذي يربط كاراباخ بالعالم الخارجي. كان الاستيلاء على خوچالي هو الطريقة الوحيدة لكسر الحصار والهرب من نيران المدفعية، ومن البرد والجوع اللذين فرضتهما سلطات باكو بهدف وحيد هو القضاء على شعب ناجورنو كاراباخ. وقد تم إعلام السلطات الأذرية وكذلك سكان القرية مقدما بالهجوم الوشيك. كما تم إعلامهم أيضا بالممر الإنساني الذي أقيم لتأمين خروج السكان بدون معوقات في اتجاه أغدام، والتي كانت تحت سلطة القوات المسلحة الأذربيچانية. وبسبب الفعل المضاد الذي اتخذته السلطات الأذربيچانية، لم يستطع بعض المقيمين استخدام المخرج قبل العملية؛ لكن هؤلاء الذين غادروا بعد بداية عملية خوچالي استطاعوا الوصول من خلال المخرج الإنساني إلى المنطقة التي تسيطر عليها أذربيچان. وهناك، بعيدا عن خوچالي، وعلى أطراف أغدام تعرض المدنيون لإطلاق النار والقتل. “… ورغم ذلك كان الأرمن قد تركوا طريقا، يستطيع الناس الهرب من خلاله. ولهذا، فلماذا يفتحون النار؟ خاصة في المنطقة المحيطة بأغدام، حيث في ذلك الوقت كانت هناك قوة كافية للخروج ومساعدة الناس”. (أياز موتاليبوف، أول رئيس لجمهورية أذربيچان، Nezavisimaya Gazeta, 02.04.1992) “قبل أحداث خوچالي بأربعة أيام، في 22 فبراير، كانت هناك جلسة لمجلس الأمن القومي بمشاركة الرئيس، ورئيس الوزراء، ورئيس الكيه چي بي، وآخرين، وأثناء هذه الجلسة تقرر عدم إخراج الناس من خوچالي. وهكذا، نحن أنفسنا ضغطنا على الأرمن لكي يهاجموا المكان. كان أعضاء مجلس الأمن يعرفون أن الأرمن لن يقوموا بعملية تقارب جريمة الإبادة”. (رامز فتالييڤ، رئيس لجنة التحقيق في أحداث خوچالي، http://www.azadliq.org/content/article/1818751.html). “يصر سكان خوچالي أنفسهم على أنهم استخدموا الممر وأن الجنود الأرمن، على الجانب الآخر من الممر، لم يفتحوا النار. بعض جنود الجبهة الشعبية الأذربيچانية أخلوا جزءا من سكان خوچالي في اتجاه قرية ناخيتشيڤان – ولا أعرف لماذا، حيث أنها في ذلك الوقت كانت تحت سيطرة كتيبة أزكيران الأرمنية. ووقع آخرون وسط نيران المدفعية في المنطقة المحيطة بأغدام”. (إنيولا فاتولاييڤ، صحفي أذربيچاني، صحيفة ريالني أذربيچان، Realny Azerbaijan, April 2005). والأدلة من النوع الذي قدمه ممثلو أذربيچان وبلدان أخرى كافية لاستنتاج أن سكان خوچالي كانوا ضحايا مؤامرات باكو وهم يُستخدمون حاليا لأغراض الدعاية. وليس من المصادفة أن الصحفي الأذربيجاني جنكيز مصطفاييڤ قتل في 1992 في ظروف “غامضة”. فقد زار مرتين الموقع الذين وجدت فيه أجساد أهالي خوچالي. وأثناء زيارته الثانية، اكتشف أن الأجساد كانت قد عريت من ثيابها وسلخت رؤوسها. وقد عرض الأفلام المصورة على الصحفية التشيكية دانا مازالوڤا في مارس 1992. (انظر http://www.golosarmenii.am/ru/19958/world/2203/). ليس هناك ما يمكن أن يبرر محاولات استغلال المآسي لأغراض الدعاية، خاصة إذا كانت قد ارتكبت بأيدي الجانب الذي يحمل المسئولية الكاملة عن تلك المأساة.