الديار 23/10/2006 جاءنا من المديرة التنفيذية للهيئة الوطنية الارمنية – الشرق الاوسط فيرا يعقوبيان التوضيح الآتي: «طالعنا الاستاذ محمد باقر شري بمقالة صدرت في جريدة «الديار» بتاريخ 14/10/2006، تحت عنوان «مع التظاهر الارمني ضد مظالم العثمانيين… وضد تحميل حكومة اردوغان اوزار مذابح…»، حملت مغالطات تاريخية وسياسية فالتبست عليه بعض الامور ممّا استوجب منا ردا توضيحيا حول بعض النقاط التي من شأنها ان تصحح نظرة بعض اللبنانيين ونظرة الكاتب بالذات الى مواقف الارمن من الوقائع التاريخية والاحداث السياسية على الساحتين اللبنانية والدولية، ومن مشاركة تركيا في القوات الدولية لحفظ السلام في جنوب لبنان. اولا: يقول الاستاذ محمد باقر شري في بداية مقالته «ليس هنالك لبناني او عربي او حتى تركي، الا ويفهم دوافع الاخوة الارمن اللبنانيين في احياء ذكرى ما تعرض له الارمن في تركيا من مظالم في عهد الانكشارية التركية…».طبعا، نحن نوافقك الرأي بأنه ليس هنالك لبناني او عربي الا ويفهم دوافع الارمن في احياء ذكرى ما تعرضوا له، لأن اللبنانيين والعرب شاهدون على جريمة الابادة التي تعرض لها الشعب الارمني، عندما قاموا باستقبال قوافل الناجين من بطش الاتراك في دير الزور وحلب وبور سعيد وصور وبيروت والقدس وغيرها من المدن العربية. اما الاتراك (وهنا اقصد الشعب التركي) فاسمح لي يا استاذ شري، لا يمكنهم ان يفهموا لانهم يجهلون ما اقترفت ايدي حكومتهم عام 1915 من جريمة انسانية بقيت وصمة عار على جبينهم لن يمحوها سوى الاعتراف العلني لدولتهم بابادة الارمن والتعويض عليهم. ان الحكومات التركية المتعاقبة على الحكم استمرت بالصمت المطبق على الجريمة التي ارتكبتها وما من كتاب تاريخ في تركيا يأتي على ذكر هذه المأساة. ثانيا: ويقول الاستاذ شري «… ولكن هذا لا يعني وجوب تحميل حكومة تركيا الحالية اوزار او مسؤولية ما لحق باللبنانيين والعرب والارمن من مظالم على يد السلطنة العثمانية…» - ان الحكومة التركية بحسب القوانين الدولية هي الوريث الشرعي لتركيا العثمانية التي ارتكبت الابادة وحاولت افناء شعب بأكمله واغتصاب ارضه. فالابادة التي تمت عام 1915 شكلت جزءا من سياسة دولة على مدى بعيد سبقتها مجازر حصدت اكثر من 300 الف ارمني بين عامي 1894 – 1896 على يد فرق السلطان عبد الحميد الثاني. ثم قامت حكومة تركيا الفتاة وعلى رأسها جمعية الاتحاد والترقي (الحزب الحاكم) بتطبيق سياسة ابادة رسمية باسم القومية التركية، ذهب ضحيتها مليون ونصف مليون ارمني عام 1915 وكان الهدف منها التخلص من الشعب الارمني والقضاء على ارمينيا. وهنالك شهادات ومواثيق لديبلوماسيين وقناصل ورحالة عايشوا تلك الفترة وشهدوا على الفظائع التي اقترفت بحق الامن. ان حق الشعب الارمني ومسؤولية تركيا تجاهه منصوص في الاتفاقيات الدولية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر (المحكمة الدائمة للشعوب 1948، معاهدة سيفر 1920، الامم المتحدة تقرير لجنة جرائم الحرب 1948، اتفاقية منع جريمة ابادة الاجناس ومعاقبتها 1948، اللجنة الفرعية للامم المتحدة بشأن التمييز وحماية الاقليات 1985، والبرلمان الاوروبي 1987) وغيرها… اما اذا كان الامر كما يدعي صاحب المقال، فهل هذا يعني ان الدول العربية لا تحمل حكومة اسرائيل الحالية وزر او مسؤولية ما ارتكبته حكومات شارون وباراك ونتانياهو وغيرهم من مجازر بحق الفلسطينيين على مدى سنوات طويلة؟ هل سيسامح الشعب الفلسطيني والعرب جميعا المجازر التي ارتكبت في دير ياسين ونحالين وجنين وقانا ومروحين…؟ ثالثا: وفي معرض حديثه عن ما تعرض له الشعب الجزائري في ظل الاستعمار الفرنسي يقول والمقصود من اعطاء هذا المثل هو لفت النظر الى ان الدول التي ترتكب المظالم بحق فريق من ابنائها او بحق شعوب اخرى، فانها لا تظل حكوماتها المتعاقبة التي لم ترتكب هذه المظالم مدانة ولا تلاحق اللعنة حكومة تأتي بعد ثلاثة ارباع قرن…». - يا استاذ شري، ان العداء التركي للشعب الارمني لم يتوقف عند حدود العام 1915، بل استمر ويستمر الى يومنا هو والامثلة على ذلك عديدة نذكر منها. 1 – ان عدم اعتراف تركيا بالابادة الارمنية واعادة الاراضي الى الشعب الارمني والتعويض عليه كما فعلت المانيا تجاه اليهود بعد الحرب العالمية الثانية هو استتمرار للابادة والعداء ضد الارمن. 2 – ان الاستمرار في تدمير الممتلكات الارمنية من كنائس وادرية بالمتفجرات وتغيير معالمها الاثرية عن عمد في محاولة لطمس كل الدلائل التاريخية التي تشير الى وجود الامن في اسيا الصغرى فترة تزيد عن الثلاثين قرنا هو عداء للامن. هذا اضافة الى تغيير اسماء القرى والبلدات الارمنية الواقعة في اسياالصغرى، هذا يحدث بالتناقض مع المواد 38 و44 ومن اتفاقية لوزان عام 1923، حيث تعهدت تركيا حماية حقوق الاقليات بما فيها الحقوق الثقافية للاقلية الارمنية. 3 – استمرار هجرة الارمن بعد وصول اتاتورك الى الحكم وقيام دولة تركيا الحديثة. 4 – هجرة الارمن من لواء اسكندرون عام 1939، وهناك شواهد حية موجودة اليوم في بلدة عنجر البقاعية. 5 – ان استمرار الحصار المفروض على جمهورية ارمينيا الحالية واغلاق تركيا لحدودها من جانب واحد، في محاولة فاشلة لارغامها على تقديم التنازلات في قضية ناغورني كاراباخ المتنازع عليها بين الارمن والاذريين، اليس هذا ايضا عداء للارمن؟ رابعا: ويقول الاستاذ شري كما تحاول جهات دولية دفع الشعب الارمني للتظاهر ضد حكومة اردوغان الحالية اليوم على ما ارتكبته الدولة التركية ضد الارمن في تركيا منذ عقود. اذ يمكن ان تكون حكومة اردوغان الحالية اكثر شجبا لما لحق بالارمن من الارمن انفسهم. - استغرب هذا الكلام يا استاذ، فمن يتحدث عن الاحترام للشعب الارمني وحقه في التظاهر ضد مظالم العثمانيين لا يتهمهم بالارتهان الى الخارج، ففي هذا تشكيك «بوطنية الارمن». ترى هل يحتاج شعب يطالب بحقه في الكرامة لجهات خارجية تحركه للمطالبة بحقوقه؟ ام انها العقلية اللبنانية التي تجعلكم تنظرون الى كافة الامور من منظار واحد. وما الذي يجعلك تبني هذه العجالة على افتراضات لا وجود لها؟ ترى هل من تصريحات لاردوغان في موضوع الابادة ليس لنا علم بها؟ ارجو منك ان تنور بصيرتنا حتى لا نظلم الدولة التركية ونقع في اخطاء تاريخية! خامساً: ويقول … ونحن نجد ان اردوغان نفسه سبق له ان زار لبنان في عهد الرئيس الحريري الاب ولم يتحرك احد من الارمن ضده.. - حضرة الاستاذ المحترم ان العدد 5953 من صحيفة الديار الصادرة بتاريخ 16/6/2005 كتبت خبرا بعنوان «اعتصام في برج حمود احتجاجا على زيارة اردوغان». سادسا: ويتابع الاستاذ شري «هل نريد ان نقول بأن موقف الحريري الإبن يختلف الآن عن موقف والده؟ وهل ان هنالك «اشكالاً ما» بينه وبين الحكومة التركية جعله يشجع او يرتضي تحرك اصدقائه الارمن في قوى 14 اذار على حشد القوى الارمنية في موقف عدائي ضد حكومة تركيا الحالية وضد ارسال.. ثم يضيف «ونحن على مثل اليقين بأن اطياف من 14 آذار وخاصة التيار الذي يقودها جميعا وجدت في حث الارمن اللبنانيين – حتى دون الارمن من ارمينيا – على حشد اضخم قوة وبمشاركة «جماهير» غير ارمنية من اجواء 14 اذار، وجدتها فرصة استعراضية … - يبدو ان الاستاذ شري تعمد الوقوع في هذا الخطأ الجسيم لغاية في نفسه لان حزب الطاشناق هو من دعا الى التظاهرات الاخيرة ضد قدوم القوات التركية الى لبنان في إطار قوات اليونيفيل وحشد لها ما يقارب 25 ألف ارمني، غاب عنها النواب الارمن في كتلة النائب الحريري. اضف الى ذلك ان الحكومة اللبنانية التي تمثل الاكثرية النيابية كانت موافقة على قدوم القوات التركية غير آبهة بمطالب ومشاعر الطائفة الارمنية في لبنان. سابعا: ويقول الاستاذ شري: ثم هنالك سؤال يوجه الى من ينسبون لانفسهم الحرص على السيادة في لبنان والذين يفهمون السيادة فهما «اعور»: لماذا قامت تظاهرة من لبنانيين بالاصالة جدا عن جد – وليسوا مكتسبين لبنانيتهم عن طريق التجنيس اكتسابا منذ فترة محدودة من السنين – اذا قاموا بمسيرة او مظاهرة… يعتبرون ذلك ولاء لغير لبنان، بينما لو قام الاخوة الارمن الذين اصبحوا لبنانيين منذ زمن وجزءا عضويا من الوحدة اللبنانية.. - ان ابناء الطائفة الارمنية في لبنان اكتسبوا الجنسية اللبنانية كباقي الرعايا العثمانيين الذين كانوا يعيشون في لبنان من الاخوة الموارنة والسنة والشيعة والدروز والارثوذكس والكاثوليك وغيرهم وذلك بموجب اتفاقية لوزان عام 1923، وبالتالي سيدي الاستاذ شري لا فضل للبناني على آخر الا بولائه لهذا الوطن وواجباته الوطنية تجاهه.اما فيما يتعلق بموقف الارمن عموما من قدوم القوات التركية الى لبنان فان الطائفة الارمنية على اختلاف انتماءاتها الحزبية والمذهبية اعلنته في مناسبات عدة وهي شددت على الاسباب التي دعتها الى هذه المعارضة وهي: - انضمام تركيا الى قوات حفظ السلام يخل بمبدأ حيادية القوات الدولية، اذ ان اي قوة ستشارك في هذه القوات يجب ان لا تكون منحازة الى اي طرف من اطراف النزاع، بينما تركيا لها عداوات مع العديد من الدول وتاريخها يشهد على دموية هذه العلاقة. - الاتفاق العسكري التركي – الاسرائيلي سوف يعوق ويهدد عملية السلام في المنطقة. - استمرار تركيا في احتلال شمال قبرص، ومواصلة فرض الحصار على جمهورية ارمينيا، وعدم اعترافها بالابادة الارمنية. - مواصلة انتهاكها لحقوق الاقليات وحقوق الانسان في شكل عام داخل تركيا وهذا لا يؤهلها المشاركة في مهمة سلام دولية. - الذاكرة الجماعية اللبنانية لا تزال شاهدة على اثار الاجرام التركي بحق الشعب اللبناني.